بقلم / حسام السندنهورى

1/ السودان ليس شأناً مصرياً

من الصعب على فرد مثلى ان يرد على مقال لعالم جليل مثل الدكتور/سعد الدين ابراهيم استاذ علم الاجتماع السياسى ولكنه قلمى الذى يأبى السكوت و يحب الرد فلا احد يكتب كتبا مقدسة

ففى مقال العالم الجليل د. سعد الاسبوعى بجريدة المصرى اليوم السبت بتاريخ 11/5/2019 كتب د. سعد عن السودان مقالاً تحت عنوان "معضلات السودان الأربع " فبعد ان شككت ان هناك خطأ مطبعى او شاردة كتابية للكاتب اثناء كتابتة للمقال الا اننى فوجئت بصحة ما اقرأ بعد ان اعدت قراءة تلك العبارة اكثر من مرة و استمريت فى قراءة المقال لاكتشف انه ليس خطأً بل المكتوب فى المقال هو المقصود

ففى بداية المقال يقول الكاتب " صدق الزميل العزيز ، أسامة الغزالى حرب،فى تعليقه على ما يحدث فى السودان بانه شأن مصرى، او على الاقل ينبغى ان يكون كذلك "

وللاسف اننى لم اقرأ او أُطالع ما كتبه الدكتور حرب و لكننى قرات مقال د. سعد و هو يتبنى تلك المقوله بان ما يحدث فى السودان شان مصرى او على الاقل ينبغى ان يكون كذلك

و للحقيقة اننى فوجئت بموضوع شان مصرى هذا و كما ذكرت فى البداية اعتقدت انه خطأ ما و لكن قراءتى لبقية المقال نفت ذلك

فما يحدث فى السودان هو شان سودانى بحت لا يمكن لاى احد ان يتدخل فيه الا اذا دعاه الاخوة فى السودان الى ذلك

و من اختلط منا بالاخوه السودانيين يعرف جيدا ان طبيعة السودانيين لا تقبل بالتدخل فى امورهم و عاداتهم و تقاليدهم فما بالكم بثورة شعبية محضه لم يتدخل احد فيها من الخارج فى اشعالها عند بدايتها او فى نجاحها فى نهاية المطاف

لا يمكن لاحد ان يبرر فى الا تتدخل مصر فيما يحدث هناك و لكن هذا التدخل يجب ان يكون بشكل دولى فى اطار الجامعة العربية او بنداء او استدعاء من الاطراف السودانية و غير ذلك فلن يقبل اى نوع من انواع التدخل بصدر رحب من السودانيين

لانها ببساطة ثورتهم و كما تقول العبارة الشهيرة "اهل مكة ادرى بشعابها"

فكلمة شان مصرى هذه عبارة غير مقبولة لدى السودانيين و حتى قطاع كبير من المصريين كما اعتقد لان السودان بلد مستقل ذو سيادة و كما يقول المثل الشعبى فى مصر "اللى ما تقبلوش على نفسك ما ترضاهوش للغير"

فكما كانت هناك ثورة 25 يناير المجيدة و ثورة 30 يونيو فى مصر و من قبلهما ثورة 23 يوليو و التى رفضت التدخل الامريكى فى شئونها و أبت ان تأخذ معونات امريكية مشروطة و التى بنا بها الزعيم عبد الناصر برج القاهرة ليكون شاهدا على استقلال مصر بعد 23 يوليوو التى وصفه البعض بانه- خازوق- للامريكان

كان الوضع ايضا فى ثورتى 25 يناير و 30 يونيو حيث رفض المصريون اى تدخل فى شئونهم

فلماذا نرضى للسودانيين ان نتدخل فى شئونهم خاصة انهم لم يطلبوا ذلك

فبرغم العلاقات التاريخية و الانسانية و الجغرافية الا ان ذلك لا يعد مسوغا للتدخل فى الشان السودانى و كل ما علينا فعله هو تقديم النصيحة و المشورة لهم وذلك من نتاج قيام المصريون يثورتين قريبا و غير ذلك فلا و الف لا للتدخل فى الشان السودانى من قبل مصر بالاضافة انه ببساطة لو حدثت نتائج عكسية للثورة السوانية سيقولون ان السبب هو تدخل مصر فى شئوننا

2/   1967 عدوان و ليس هزيمة

ثانى ملاحظاتى على المقال هو وصف الكاتب لعدوان اسرائيل على مصر فى عام 1967 بانه هزيمة مروعة على يد اسرائيل

والحقيقة اننا تربينا و نشأنا على ذلك المفهوم الخاطىء و ما حدث هو عكس ذلك لان ما حدث هو عدوان و ليس حربا بمفهومها المتعارف عليه

فتخيل عزيزى القارىء انك كنت تجلس فى غرفة الضيافة بالمنزل ثم غيرت مكانك و توجهت لتجلس فى الصالون فاذا باحد يباغتك فجاة و يهجم عليك

فهذا ما حدث فى 67 فناصر امر جيشة بالتوجه الى سيناء بناءا على معلومات تفيد بان اسرائيل ستهاجم سوريا و اذا بالعدوان يحدث دون ان تبادر قوات ناصر باطلاق رصاصة واحدة على اسرائيل اى ان اسرائيل هى المعتدية و استغلت انتقال القوات المصرية لسيناء فهاجمتها و دمرتها

انها تكون هزيمة مروعة عالمنا الجليل اذا كانت هناك حرب بالمعنى و المفهوم المتعارف علية مثل حرب1973 المجيدة و التى كان فيها الطرفان على الجبهة فى وضعية الحرب و الشىء بالشىء يذكرفاسرائيل كانت تدافع عن هزيمتها فى 73 و اقتحام الجيش المصرى لخط بارليف المنيع الذى لا يقهر و عبور القوات المصرية لقناة السويس كاصعب مانع مائى الخ فتقول ان الهجوم تم فى يوم عيد الغفران المسمى الكيبور

و الواقع يقول ان اسرائيل يجب ان تكون فى اهبة الاستعداد فى يوم مثل هذا تحسبا لاستغلال المصريون لمناسبة مثل هذه ليشنوا الحرب فيها

3/ مشكلة الاستكبار

يذكر العالم الجليل د. سعد "هناك شعور لدى السودانيين باستكبار للمصريين نحوهم"

مع احترامى الكامل لشخص و راى د. سعد الا اننى اجد ان المشكلة قد تكون عند السودانيين انفسهم وقد يستعملها البعض منهم فى تحقيق مكاسب شخصية او سياسية او وسيلة لجلب التعاطف معهم

وذلك مثلما تفعل اسرائيل فى استغلال موضوع الهولوكست فى ابتزاز المانيا و اوروبا و جذب المزيد من الاموال لاسرائيل او اسكات اى صوت معارض للسياسة الاسرائيلية تجاة الفلسطينيين و العرب عموما بحجة المعاداة للسامية

لقد مات الملايين فى تلك الحرب العالمية من جميع الاطراف الا ان اسرائيل تستغل ضحاياها فى الابتزاز

فبالرغم من ظهور الدين الاسلامى الذى لم يفرق بين عجمى او اعرابى الا بالتقوى مازالت السياسات الاستعمارية التى سيطرت على دول المنطقة العربية و منها السودان تلقى بظلالها على تركيبة الشخصية السودانية و الشعوب المستعمرة الى الان

فالمشكلة قد تكون لديهم و ليست لدينا

وفى النهاية اعلم ان العالم الجليل دكتور /سعد الدين ابراهيم يؤمن بان الاختلاف فى الراى لا يفسد للود قضية و من منطلق هذا كتبت هذا المقال حتى يرتاح قلمى