يظن كثير من المسلمين أن عبس وتولى نزلت في رسول الله ص النبي الذي قال : ( انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والذي وصفه الله في عليائه فقال : (( وانك لعلى خلق عظيم )) فيلصقون به أبشع وصف وهو التكبر واحتقار الضعفاء والفقراء وتقريب الأغنياء الرسول الزاهد الذي خرج من الدنيا زاهدا فقيرا عبدا لله متواضعا. سنحاول ان نلقي الضوء في هذا المقال عمن نزلت في حقه السورة والتوبيخ والاسباب التي جعلت التهمة تلصق برسول الله ص بدلا عنه:
الطبرسي: روي عن الصادق (عليه السلام): أنها نزلت في رجل من بني أمية، كان عند النبي (صلى الله عليه و آله) فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه و عبس وجهه و جمع نفسه، و أعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك عنه و أنكره عليه»
فالذي عبس هو عثمان بن عفان، فقد كان عند رسول الله وجاء ابن أم مكتوم الأعمى فقدمه رسول الله على عثمان وقربه يحادثه فعبس عثمان وتولى عنه تكبراً على هذا الأعمى كما أخبر تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى @ أَن جَاءهُ الْأَعْمَى @ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى @ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى﴾.
ثم بيَّن الله لعثمان سوء فعلته وما انطوت عليه نفسه من التكبر، بأنه عندما يأتي فيما سبق شخص له جاه ومكانه يتصدى له حتى لو كان من المعرضين عن دعوة رسول الله والمتكبرين على رسول الله ودون أن يطلب أحد منه هذا: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى @ فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى @ وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾.
وبيَّن الله لعثمان بن عفان ولمن هم مثله ويتصرفون كتصرفه أن الأولى بكم أن تقيّموا الإنسان على أساس طلبه للحق وعلى أساس خوفه من الله لا على أساس جاهه ومكانته وما يملك ﴿وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى @ وَهُوَ يَخْشَى @ فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾، فابن أم مكتوم رغم عماه جاء يسعى إلى هذا المجلس المبارك والذي هو مجلس رسول الله ومجلس المسلمين فالمفروض أن تفرح يا عثمان به، والمفروض أن تقدمه أنت على نفسك؛ لأنه إنسان أعمى، لا أن تعبس في وجهه وتتولى عنه؛ لأن رسول الله قدّمه.
أما سبب الصاق التهمة بالنبي الاكرم صلى الله عليه واله فهو واضح بين لكل من عنده عقل وبصيرة فعثمان بن عفان حاكم ومسألة تاويل الدين حسب السلطة والحكم ليس شيئا جديدا بل هو موجود في كل زمان ومكان .
فحاشاه محمد (ص) خير الخلق اجمعين من هذه الفرية وهذا الخلق الدنيء الذي يترفع عنه حتى اسافل القوم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته