لا يمكننا تحديد الهدف الاستراتيجي دون وجود خيارات في الوحدة الوطنية الشاملة بعيدين عن الخصام بالوكالة وتصاعد في التوترات بين المنطقة الشرقية والغربية والجنوبية على مراكز الحكم والثروة الليبية.
لقد أصبحت ليبيا لديها مشكلة خطيرة ليس من السهل العثور على حلول سياسية من إعادة صياغة مستقبل ليبيا لمواجهة التحديات العسكرية التي وقعت في 3 أبريل من هذا العام التي بدأ بها الجنرال خليقة حفتر المعروف بالرجل القوي في إقليم "سيرينايكا" برقة.
ويبدو أنها كانت بداية حرب أهلية ثالثة كما يقول بعض المحليين السياسيين في أقل من عشرة سنوات على التوالي بعد سقوط النظام الجماهيرية العربية السابق والمسؤولية اليوم تقع على عائق الجميع من الأطراف السياسية والعسكرية المتنازعة وحتى المجتمع الدولي الذي مهتم اهتمام كبير بالملف الليبي في فك الصراع الداخلي.
لقد هاجم الجيش الموالي للجنرال خليفة عبد القاسم حفتر والمعروف بأنه مسيطر على جزء كبير من شرق وجنوب ليبيا، وان العاصمة الليبية لتزال تحت سيطرة حكومة الوفاق الوطني تحت قيادة فائز السراج المعترف به دوليا والقتال يزال مستمر والمليشيات الموالية له تحركت بسرعة لوقف القوى العسكرية القادمة من الشرق الليبي.
القوات العسكرية التي تقدمة نحو العاصمة الليبية طرابلس مقر فائز السراج المعترف به من قبل المجتمع الدولي تعتبر قوات عسكرية ليبية تابعة للجيش الليبي لتحرير العاصمة الليبية من الإرهاب والتطرف المتواجدة اليوم في المنطقة الغربية.
ولست من العادة أن تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية هكذا بمكالمة هاتفية من البيت الأبيض إلى الجنرال خليقة حفتر القائد لقوات الجيش الليبي تسانده على خوض خربه على الإرهاب والتطرف، فليس ما نرى في الظاهر يعمل على إرساء تقاليد الرئاسة الأمريكية نحو الدول التي لا تعترف بها أنها حليفة لها.
قصة الجنرال العسكري الليبي الذي يخوض حربه على الإرهاب الموصوف بنعت الرجل القوي في ليبيا من الدول الغربية لمحاربة الإرهاب والتطرف وقصة المنطقة الغربية من القادة السياسيين في السلطة وتمركز الثروة الليبية، عند حال الأماكن العالقة في الحرب الأهلية الليبية بين اللاعبين من المنطقة الغربية والشرقية والقوى الإقليمية والدولية.
لقد أدى الهجوم الذي شنه الجنرال خليفة حفتر على فائز السراج في طرابلس تفاقم أزمة عميقة بالفعل ولم يتمكن أحد من حلها حتى الآن، والمعروف لدى الجميع أن هذا النزاع يرجع إلى كثير من التأويلات المتراكمة على مر السنوات الماضية حتى وصلت إلى مرحلة خوف من أن هذه الحرب ستكون حرب طويلة المدى.
وحين هاتف الرئيس الأمريكي ودونالد ترامب الجنرال الليبي كانت مؤشرات جيدة تطفح على سطح النزاعات السياسية معترف القوى التي بإمكانها أن تضع نهائية على المليشيات المطرقة والمتعددة وتجمع السلطات السياسية المتفرق تحت سلطة واحدة لتستقر الدولة الليبية بعد صراع الذي دام أكثر من ثمان سنوات على التوالي.
مشاكل سياسية عالقة الم يتم التفاهم فيها نتيجة لأشياء مهمة كثيرة منها الانقسامات الداخلية ووجود المئات من المليشيات المسلحة والمنافسة لبعضها البعض، والطموحات الشخصية الهائلة لبعض القادة السياسية، وعناد المجتمع الدولي لدعم الحلول التي يعتبرها الليبيون غير شرعية دستورية وغير فعالة في نظر الجميع لتحقيق الأمن والسلام العادل والشامل.
التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية الداخلية كان عامل مهم جدا إلى تفاقم العنف والصراعات الداخلية بين الأقطاب السياسية المتنازعة في ما بينها لذلك كان خطأ من البداية في الاستعانة بقوات أجنبية في حل القضية الليبية من قبل الحكومات الأجنبية.
الدول التي لديها العديد من المصالح الجيوسياسية من بينها تركيا وايطاليا ودولة قطر من جانب الغربي لدولة ليبيا ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وفرنسا من الجانب الشرقي لدولة ليبيا في مساعدتها على حربها على الإرهاب والتطرف.
واليوم أصبح الرهان على عدم التوقف من الحرب الداخلية التي تجعل من المنطقة الغربية في المزيد من التوتر وتنافس بين الأطراف المتنازعة إقليمية ودوليا لكسب النفوذ على دولة تمتلك من النفط والغاز ما يكفي جميع الأطراف المتنازعة عليها.
لكن سوف تكتشف إن المعركة الحالية من إضعاف الدولة الليبية التي تختمر عن مضلة الصراع الداخلي في الوسيط بين الأوسط وشمال إفريقيا لتكون مسرحا للعنف وعدم الاستقرار مما لا يقل عن 147 قتيلا و614 جريحا و1300 مشرد، وفقا لما صدر من منظمة الصحة العالمية الذي أورده مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
لكن الوضع في ليبيا كان ولزال متفجرا من كثرة الاشتباكات الدبلوماسية بين الحكومتين الايطالية والفرنسية ولم تكون فرنسا مكتوفة اليدين حتى لعبت دورا مهم في الدبلوماسية التي حددها ماكرون حول منع فرنسا قرار الاتحاد الأوربي لمطالبة الجنرال خليفة بالقاسم حفتر وقف هجومه على العاصمة الليبية طرابلس.
ومن ناحية أخرى تحاول حكومة السراج إقناع الولايات المتحدة الأمريكية التدخل ودعم حكومة الوفاق الوطني علانية والتصدي إلى التحالف مع الجنرال خليفة في حربيه على العاصمة الليبية طرابلس بوصول أحمد معيتيق المبعوث إلى روما الرجل الثاني في المجلس الرئاسي.
لكن الحديث على ذالك من سياسية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المبنية على المصالح الاقتصادية أولا والموقعة رسميا مع الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على إعادة النظر في التعامل المشترك بين الدولتين لتساعد على الاستقرار السياسي والعسكري في ليبيا.
هذا أن الأزمة الليبية مرتبطة دائما بعواقب ثورة السابع عشر من فبراير لعالم 2011 والتي أدت إلى إقالة الزعيم الليبي معمر القذافي السابق وتدخل الحكومات الأجنبية في الشأن الليبي، بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في دعمهم للمليشيات المسلحة داخل ليبيا.
لكن الفجوة التي خلقتها الولايات المتحدة الأمريكية جعلت من فرنسا وايطاليا في تنافس دائما على الملف الليبي وتجعل من الصراعات الإقليمية قائمة، تتصاعد الأزمة الليبية بين وكلاء الدول في ما بينهم والأخذ في الاتساع بين تركيا ومصر على المصالح في ليبيا.
ساحات المعارك الممتدة في ليبيا التي جعلت من دول الخليج من مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر في الدعم المباشر مسببا خطر الاشتباك مع القوات الإرهابية في داخل البلاد مع القوات العسكرية الليبية وسط التراجع البطيء لدور الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا.
تلك الأمور كلها جعلت من دور الدولة الليبية دون وجودي في حكومة معترف بها دوليا قادرة السيطرة على كامل الأراضي الليبية مع عدم اهتمام جزء المجتمع الدولي بتفضيل عملية الانتقال نحو الديمقراطية والتي ساهمت في الفوضى المستمرة .
ومع ذالك نجد حكومة الوفاق الوطني تواجه مشكل كثيرة في السنوات الأخيرة و الافتقار إلى الشرعية الشعبية الليبية داخل المجتمع الليبي التي لم تتمكن من قبولها واعتمادها من مجلس النواب في المنطقة الشرقية واكتفت فقط بالشرعية التي تحصلت عليها من قبل المجتمع الدولي.
مما ازدادت مشكلة حكومة الوفاق الوطني ليس فقط في الشعبية الليبية الداخلية بل في عدم قدرتها السياسية بالوفاء بالولاية الممنوحة لها من نزع سلاح الميليشيات وفرض سطرتها على جميع الأقاليم الليبية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا مما أدى مرة أخرى إلى تهميش المنطقة الشرقية من الدولة الليبية.
الدول الغربية في وسائل إعلامها غير حرجة في دعمها إلى حكومة الوفاق الوطني واعترفت بها أنها حكومة شرعية وحيدة لكنها تجنبت جميع المشاكل التي جلبتها معها واستمرارها في نفس النهج الذي أصبح يهدد شرعيتها الدولية والاعتراف بها بتوحيد الدولة الليبية تحت سلطة واحدة.
اليوم أصبح الجنرال خليفة حفتر قائدا بلا منازع بعد إعلانه على الحرب على الإرهاب والتطرف بعد انتشار الجماعات الإرهابية في البلاد مع استمرار دعم المنطقة الشرقية بالكامل للقيادة العسكرية التي تقودها القوات المسلحة العربية الليبية وطرد الحكومة في طرابلس وفرض السيطرة الكاملة والخاصة على العاصمة الليبية طرابلس.
مما نجح الجنرال خليفة حفتر إلى حد كبير تقسيم الجبهة الدولية التي كانت تدعم رئيس حكومة الوفاق الوطني وضم إلى جانبه السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر العربية الدول العربية التي تحارب التطرف والإرهاب وانتشار الجهادية في تونس والجزائر والحفاظ على استقرار الدول العربية والأفريقية.
الكاتب: رمزي حليم مفراكس
رجل أعمال- محلّل سياسي واقتصاديّ ليبيّ
مقيم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة