تخيّل أنه في عيد الميلاد 18 لكل شخص،  يظهر وشم على جلده يحدّد دوره في الحياة ومستقبله المهني. 

اليوم عيد ميلادك 18، والجميع محيط بك ينتظر ظهور وشمك: 

Image title



أصّر والداي على أن نقيم حفلًا، قالوا أن هذا جزءُ من تقاليدنا، تمامًا مثل "الجْرَازْ" و"المولد النّبوي"، فقاموا بدعوة العمَّات والأعمام والأقارب من كل حدبٍ وصوبٍ، وكان نصف أولئك الأشخاص أناسًا لم أقابلهم في حياتي.


يمكن القول أن قدومهم كان بطوليا، خصوصًا مع مشاكل الحدود، فيتطلّب السفر من بلد لآخر أو من ولايةٍ لأخرى الكثير من وجع الرأس وفحص السوابق العدلية وما إلى ذلك.


كان صديقي المقرّب قد قرر أن يأخذ عطلة في ذلك اليوم للقدوم إلى حفلة عيد ميلادي. كان سعيدًا، بل سعيدًا جدًا: فقد ظهر وشم "أمين مكتبة" على جلده، ولكن لم يتفاجأ أحد، لأنه كان يحب الكتب منذ نعومة أظفاره. 


11:56—
بدأ الصَّمت يَسود الغرفة الآن،  وكل العيون تنصبّ نحوي. لم أتفوه بحرفٍ خلال العشر دقائق الماضية، أصبت بقلق رهيبٍ زعزع قفصي الصدري. نظرت إلى ذراعي، فرأيت يدًا تنقبض ويدًا ترتخي.
11:58—
قالت أمي "لا تقلق، سنبقى نحبّك مهما كان" وساندها أبي بإيماءة من خلفها. أمي "العَالمة" و أبي "الروائي". الذي كبرت مع قصصه، وتمنيت لو أمكنه أن يكمل هذه القصة.
12:00—
لا شيء. الهواء في الغرفة يشبه المكنسة الكهربائية من الداخل، كل شيء مكوّم كالغبار.
لم أنظر لفوق، بل نظرت إلى ذراعي. تعمّت رؤيتي ولم أستطع التركيز.

صَرَخْـــــــتُ: 

"أي شيء! أي شيء!  إلاّ اللاّشيء!"

—12:01—
بدأت أمي تفرِك ذراعي. بدأت الهمسات من حولي ورأيت كل أصدقائي ينظرون إليّ بشفقةٍ وفضولٍ وخوف.
—12:02—
بدأت كحكةٍ مضجرةٍ، كالتهابٍ عميق في جلدي. استطعت تحمّل رغبة الحكة.

التفت الجميع إليّ عندما حركت ذراعي إلى الأمام ونظرت إليها.

برزت الكلمة ببطء ورحمة:


"قائد"


بدأت الصيحات "آو دار التّاويل، آو دار التاويل". وفي تلك اللّحظة، شعرت بوخزة في كل خلية عصبية في جسدي. إن القادة هم النخبة والحكومة. يمكنني أن أصنع الفارق وأغيّر في قعرة السعير هذه.
—12:03—
ولكن أبي توقف للحظة متجمدًا ينظر إلى ذراعي، كنت أفكّر"ما الذي يحدث". لم أرد أن أنظر ولكن كان يجب عليّ . لم يسبق لأبي السبّ أمام العائلة، ولكن:
"يا قَسَّامَكْ"
برزت كلمة أخرى بجانب "قائد". سقط فكي وتوفقت الصيحات وكنت متأكدا أنني سأفقد وعيي.

وظهرت الكلمة الأخرى:
"قائد ثورة"