عبارة نظام قانوني وحقوقي وسياسي واجتماعي (ليبرالي) تعني نظام يقوم على احترام الانسان كإنسان، كمخلوق آدمي كرمه الله ونفخ فيه من روحه ووهبه حرية الاختيار، بغض النظر عن جنسه وعرقه وديانته ووضعه الاجتماعي والاقتصادي، نظام اجتماعي وحقوقي وقانوني وأخلاقي وسياسي يقوم على احترام فردانية الانسان الفرد ومجاله الخاص وحقوقه الأساسية المتمثلة في ثلاثة أمور أساسية:
الأول؛ حريته الشخصية الفردية وتدخل ضمنها حرية العقيدة (الإيمان والكفر).
والثاني؛ ملكيته الخاصة الثابتة والمنقولة.
والثالث؛ خصوصياته وأسراره الفردية والعائلية والبيتية.
فهذه (خطوط حمراء) يجب على الدولة والمجتمع وكل الأفراد احترامها، هذا هو المفهوم الأساسي لليبرالية وهو مفهوم يتفق تمامًا مع التعاليم الإسلامية الأساسية التي أكدت على كرامة الآدميين وحريتهم الدينية وحرمة ممتلكاتهم وخصوصياتهم وأعراضهم وأسرارهم، ويجب التمييز بين هذا المفهوم أي الليبرالية وبين مفهوم الديموقراطية والعلمانية بشكل دقيق وعميق، فالخلط بين هذه المفاهيم أمر يجر إلى فوضى فكرية عارمة كما هو حاصل حاليًا في العالم العربي!... الديموقراطية تتعلق بالحرية السياسية للشعب والمواطنين في مواجهة الحكم الجبري والديكتاتوري، فالديموقراطية تتعلق بحل مشكلة السلطة والحريات السياسية فهي تقوم على فكرة أن السلطة العامة للشعب كما أن الثروة العامة للشعب وليست لفرد أو لعائلة أو لطائفة أو لحزب، بل هي ملك لكل الأمة وهي من تختار من بين أفرادها الراشدين من تكلفه بتولي أمر السلطة والثروة وادارتها وفق مصلحة الأمة، فولاة الأمر هنا هم من ولّتهم الأمة وظيفة إدارة السلطة والثروة العامة بما يعود بالنفع على مجموع الأمة، فالحاكم هنا هوخادم أجير لدى الأمة، أما السلطة والثروة العامة فهي ملك الأمة، هذا أساس الثقافة السياسية في مفهوم الخلافة الراشدة في الاسلام وهو يتطابق تمامًا مع مفهوم الديموقراطية الذي توصلت إليه الشعوب الغربية بعد صراع رهيب مع الحكم الجبري والملك العضوض دام لقرون مديدة!... أما مفهوم العلمانية فهو يعني أن الدولة في تشريعاتها وسياساتها غير مرتبطة أو منضبطة بدين المجتمع، فالدولة العلمانية لا دين لها أو بمعى دقيق أن (العلمانية) هي دين الدولة!!.. لهذا لا يمكن لعلماني حقيقي وجاد منسجم مع عقيدته العلمانية أن يقبل بحال من الأحوال بأن يكون (الاسلام هو دين الدولة) فالدولة في العقيدة العلمانية لا دين لها إنما تخضع للعقل السياسي أو بمعنى أدق للأراء والأهواء السياسية للعلمانيين سواء الليبراليين منهم أو الاشتراكيين والشيوعيين!.. وهذا أصل خلافنا مع العلمانيين في بلادنا خصوصًا وأن معظمهم يتبنى (الأصولية العلمانية) بنموذجها الفرنسي المعادي للدين عمومًا والمتوجس من الإسلام بوجه خاص!
سليم نصر الرقعي