قريبا -بإذن الله- سأنشر على صفحة مراجعاتي على موقع الكتب ( https://www.goodreads.com/GhadaALamoudi )مراجعة حول كتاب أقرأه حاليا وأجده مثيرا للجدل(كتاب المثقفون، تأليف بول جونسون، ترجمة طلعت الشايب، إصدار دار رؤية 2017).
يناقش الكتاب جدلية تثار دوما حول استطلاع الحياة الشخصية لكبار قادة الفكر المؤثرين في الحضارة الغربية بشكل عام.
فالمؤلف وضع تحديا : هل عاش المفكرون الذين صنعوا الحضارة الغربية في وجهها المعاصر بِمَا ضخوا في مجتمعاتهم من أفكار وأطروحات أيدولوجية، وتحديدا المثقفين العلمانيين، هل تراهم عاشوا أفكارهم -بصدق- في حياتهم الخاصة؟.
قد يرى البعض في ذلك سلوكا معتادًا ، وهو "تطفّل العامّة" على الحياة الخاصة بالمشاهير وقادة التأثير، وكأن النوايا الشاذة تفترض مسبقا؛ أن كل صاحب فكرة هو أول من يخدعها ويحتال للتنصل منها، فليس علينا حينها نحن -المتابعين- لو تركنا الانضباط باجتهادهم، أو حتى لو تخلينا عن إيماننا بهم وبأفكارهم! إنها حجة شعبية تاريخية نافذة.
إن الذمّ الذي يحمله التعبير القرآني لمن يخالف فعله قوله ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ، هو "سُبّة" متفق على بغضها فطرة وشرعة، وحينها لا يمكن التجاوز عن إهمال التفتيش خلف الكلمات والأفكار بحجة حماية واحترام الحياة الشخصية للمفكِّر أو صاحب التنظير في المجتمع، لأن من حق العقل العام أن يعرف مصداقية الذين لعبوا به وأقاموا الثورات باسمه، ووضعوا مناهج التعليم لتربيته، وقيّدوه بآرائهم على أنها مصادر تفكيره وموجهات حركته في شأنه الخاص ثم في عيش حياته المصنوعة.
إن الأمر لا يعود هتكا للأستار المصون، إنما هو درجة من البحث التأصيلي للإجابة على فرضية منطقية-بحق- وهي : هل تساوي الفكرة صاحبها ؟ أم تزيد عليه فتلغيه، أم يزيد عليها -هو- فيكون داعية لنفسه لا باحثا موضوعيا عن العدل والفضيلة والحقيقة؟
ثم ،أخيرا، يأتي دور محاكمة وعي العقل العام: هل سيستمر في الأخذ عمَّن سقطت عدالته في أفكاره، أم علينا أن نأخذ اجتهاده الظاهر ونكِل أمره الباطن لخالقه؟ هل ينفع دواء لم يشفِ مخترعه بداءة.
من الشخصيات الفكرية التي تناولها الكتاب: جان جاك روسو، الشاعر شلي، ماركس ، تولستوي ، هيمنجواي، سارتر.. وآخرين.
سأتابع بتفصيل أطول حين أضع مراجعتي على الكتاب -بإذن الله-.