لم يتحقق أي من الوعود التي ساقها دعاة الديمقراطية, من حيث حياة الرفاهية والعيش الرغد, فلم يعد المواطن آمنا في بيته أو في الطريق, ربما تحسن الراتب لكن ارتفاع الأسعار قضى على تلك الزيادة, الراتب بالكاد يفي بالسلع الأساسية, ارتفاع الأسعار عزاه الوزير الأول المكلف تشكيل حكومة الطوارئ, بأنه ناتج عن تدهور سعر صرف الدينار أمام عملات دول الجوار, لماذا لا تقم الدولة باستيراد السلع عبر القنوات الرسمية بالدولار لأن دخل الدولة من بيع النفط هو الدولار للمحافظة على ثبات الأسعار,الطوابير تشاهد في كل أرجاء العاصمة, بدءا من الحصول على رغيف الخبز الذي زادت قيمته, مرورا بطوابير الحصول الوقود واسطوانات غاز الطهي, انتهاء بطوابير مغادرة الوطن, حيث لم يعد المقام يطيب للعديد من أبناء الوطن وخاصة تلك المناطق المنكوبة.

الأحداث الأخيرة في العاصمة والتي لا تزال مستمرة وان بخطى بطيئة, ألقت بظلالها على المشهد الحياتي لسكان العاصمة وجوارها, عديد الأحياء لا تزال مهجورة, مبان سويت بالأرض وأخرى أفرغت من محتوياتها, بل أصبحت تلك البيوتات ثلاجات لموتى الحرب, يبدو أن الذين لم يقوموا بعملية الدفن يفتقرون إلى القيام بعمليات التحنيط, ليتم توزيعها على كليات الطب بالبلد فلم نعد في حاجة إلى استيراد الجثث من الخارج, خاصة وان الجثث تخص أناس, اسماهم المفتي, دام ظله , بأنهم بغاة طغاة فأهدر دمهم, فكانت أعداد القتلى جد مرتفعة, تلبية لدعوات المفتي, لينعم القتلة بالجنان وحور العين.

كان النظام السابق يدعو الليبيين إلى مغادرة الوطن والاستثمار في إفريقيا, ذهب البعض من أصحاب رؤوس الأموال وآخرون تحصلوا على قروض من الدولة بشروط ميسرة, اليوم, يغادر الوطن من لا رأسمال له,لأنه يخاف على نفسه,حتى أولئك الذين رأسمالهم الوطن, لم يحتملوا البقاء.لقد جاوز الظالمون المدى, فر بجلده لينضم إلى مئات آلاف المهجرين في الشتات, قد يطول بهم البقاء, ذلك رهن بالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.

بلد بحكومتين وبرلمانين وجيشين وعاصمتين, يعترف العالم بإحداها أما الأخرى فإنها ليست في حاجة إلى اعتراف العالم بها, لأنها تمتلك من الثروة والقوة ورباطة الجأش ما يجعلها تقف بكل صلابة في وجه الآخرين, الثروة والقوة كفيلتان بتسوية الأمور, فالغرب لا تهمه الأرواح التي أزهقت, والمباني التي دمرت, بل يسيل لعابه للمال ويقف مع الذي يدفع أكثر, ربما كانت أعمال التدمير الأخيرة من تخطيط الغرب ليتم إعمار البلد على أسس “صحيحة”, وتكون طرابلس أشبه بهونغ كونغ بدلا من دبي التي حلم الليبيون ولعدة سنين بان تكون عاصمتهم مثيلا لها.

هذه ليبيا اليوم بعد سبع سنوات ونيف من سقوط النظام, أين تذهب عوائد النفط؟ للحكومة الشرعية أم الحكومة المشرعنة بقانون القوة؟, أين ذهبت المليارات المجمدة والمجنبة؟ هل سيكون هناك أكثر من بنك مركزي؟ وهل سيبقى الدينار عملة رسمية من قبل الحكومتين, أم انه ستكون هناك دولتان على غرار السودان وكوريا؟, ليبيا اليوم هي “الدولة الإسلامية” النواة في شمال إفريقيا وتكون خيراتها لكافة مجرمي المنطقة. وليذهب الليبيون إلى الجحيم.

كنا نخاف على ليبيا من برقة, فإذا برقة تسع الوطن بأكمله, تحضن الشرفاء وتكشف الانعزاليون ضعاف النفوس, الساعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب وحدة الوطن المتشبثون بالسلطة تشبثهم بالحياة, يتساوى في نظرهم البشر والشجر والحجر, صواريخهم المحرمة دوليا لم تفرق بين المكونات الثلاث للطبيعة, فكانت هدفا للمجرمين, اختلطت العناصر الثلاث, علها تصير يوما ما, بترولا يستفيد منه البغاة الطغاة الغزاة.

الامل معقود على الجيش الوطني لتخليص البلاد من دواعش المال العام والتكفيريين.