انتهيت منذ فترة بسيطة من قراءة رائعة جين ويبستر "صاحب الظل الطويل " ولم أستطع إلا أن أكتب قليلًا عن مدى جمالها الأخاذ ، فقط لأثرثر لأحدهم عن إعجاب بها يتفجر في صدري .
صاحب الظل الطويل قيل عنها أن جين كتبتها بمنتهى العفوية ، وما كنت لأجد وصفًا أفضل لوصفها ، ساذجة وبسيطة ورقرا كما الماء .. عذبة وساحرة !
تبحر في الرواية بين رسائل جودي أبوت ، الفتاة اليتيمة من ميتم جون غرير، يرسلها الوصي المجهول الذي أنقذها من بؤس الميتم بأن يقرر إرسالها إلى الكلية وتكفل بمصاريف تعليمها ، في مقابل واحد وهو إرسال رسالة له شهريًا تعلمه فيها بمجريات الحياة معها ، وتبدأ جودي مراسلته وهي في حيرة من أمرها ماذا تدعوه؟ ولأن الاسم الزائف الذي طُلب منها دعوته بها _جون سميث_ لم يعجبها فقد قررت دعوته صاحب الظل الطويل ،إشارة لظله الطويل الذي لمحته له في الميتم ، حيث أنها لا تعلم عنه سوى ثلاثة أشياء : أنه كاره للفتيات ،أنه غني ، وأن له ظل طويل، وبما أن دعوته بالأول إهانة لها في حين أن دعوته بالثاني إهانة له "وكأن ليس فيك شيء مهم سوى المال "، فقد قررت دعوته بصاحب الظل الطويل .
وطوال الرواية تستمتع تماما بوصف مشاهد الريف ، ووصف جودي المرح لأساتذتها وللمواد التي تدرس ، تتخلل الرواية رسومات أشبه بشخبطة طفل لجودي وهي ترسم الأشياء التي تتحدث عنها ، ثم التأثر الشديد بكل أنواع الروايات والمذكرات التي تقرؤها على الدوام .
لكن أكثر ما أعجبني هوالنمو المطرد لشخصية جودي ، وحرصها على استقلاليتها وعلى دعم نفسها بنفسها وكيف أنها لم تستغل إحسان صاحب الظل الطويل بل ظلت ترسل له بإصرار بوعد رد المبلغ له .
جودي التي تحكي لصاحب الظل الطويل عن قريب زميلتها جوليا الثري الطويل الوسيم السيد جيرفي بندلتن ،والذي ينمو حبها له طوال الرواية وتستمتع برفقته في براءة وعذوبة وتجد في أفكارهما المشتركة أمرًا ساحرًا .
ثم وأخيرا وبعد أن تخرجت من الكلية وباعت كتابها الأول ، تذهب جودي لملاقاة صاحب الظل الطويل للمرة الأولى بعد أربع سنوات من مراسلتها له ،فتجد رجلًا متكئًا على وسائد في كرسي أمام نيران المدفأة ، وينهض الرجل في الظلام ويتلفت لها ، وعندها تجد السيد جيرفي أمامها فتظن أول الأمر أن صاحب الظل الطويل دعاه هو أيضًا ، وإذا به يرفع يده ضاحكًا ويقول :" صغيرتي الحبيبة جودي ، ألا تعلمين أنني أنا صاحب الظل الطويل ؟!"
لقد كانت تلك لحظة رومانسية أعذب من عشرات غيرها ،بسيطة وبريئة وساحرة تمامًا كما الرواية ،تمامًا كما هي جودي آبوت ، تمامًا كما هي جين ويبستر .
ملحوظة : يبدو سردي للرواية دونها بمراحل عملاقة ! أتمنى لمن يشعر بالفضول قراءتها .. ففيها شيء من السحر يستحيل وصفه .
Sent from my iPhone