حقوق الانسان يمكن تعريفها بأكثر من تعريف ولكن يجب ان يكون التصور العام لهذه الحقوق على انها منحة وتكريم من الخالق عز وجل ولا يتصور الشخص انها حق خالص للإنسان يستحقه بمجرد الإنسانية. احد هذه التعريفات من منظور شرعي قد تكون انها ما يثبت للمخلوق بمقتضى الشرع من حقوق له على غيره بحيث ينعم بحياة كريمة. نظرا لأهمية هذا الموضوع قامت الحضارات السابقة وبعض الدول بوضع لوائح لهذه الحقوق بحيث تكفل ضمان حقوق الافراد حتى لو كانت مجرد توصيات اكثر من انها ضمانات فعلية. من هذه القوانين التي وضعتها بعض الحضارات و كانت قبل الميلاد قانون حمورابي , وسولون الإغريقي والألواح الاثني عشر في روما. ثم تتابعت الدول في وضع بعض القوانين مثل قانون العهد الأكبر الذي تم وضعه في إنجلترا ومن ثم تبعتها الولايات المتحدة وفرنسا. لكن الحدث الأكبر في تاريخ حقوق الإنسان جاء بعد الإعلان عن هذه القوانين ولا يزال يحتفل به الا يومنا هذا بأنه اليوم العالمي لحقوق الإنسان فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وذلك في العاشر من كانون الأول عام 1948 م وجاء هذا الإعلان في 30 مادة . عند النظر الى كل القوانين المشار إليها سابقا نجد انها مجرد توصيات اكثر من أنها ضمانات فردية يستند عليها الناس لاسترجاع حقوقهم المسلوبة. علاوة على ان هذه القوانين غير شاملة وغير معصومة عن الخطأ اذ انها قوانين وضعية تحتمل الخطأ والنقص.

عند مقارنة حقوق الإنسان في الإسلام مع حقوق الإنسان في القوانين الوضعية نجد ان حقوق الإنسان في الإسلام تمتاز بفروق جوهرية عن قريناتها. احد اهم هذه الميزات ان حقوق الإنسان في الإسلام ربانية المصدر فينتفي بعد ذلك عنها الخطأ والتحيز والنقص وعدم الواقعية وإمكانية التطبيق. أيضا ان الحقوق في الإسلام مقيدة بضمانات تشريعية وتنفيذيه وليست مجرد توصيات كما ذكرنا سابقا عن حقوق الإنسان في القوانين الاخرى وتتقيد ايضا بضوابط المصالح والمفاسد وضوابط الأخلاق. هنالك عدة إعلانات إسلامية عن الحقوق في العصر الحاضر منها : شرعة حقوق الإنسان وتم الإعلان عنها عام 1980 م وتعتبر أول تقنين لمبادئ الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالحقوق وجاءت في 25 مادة. ثم تبعها البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام عام 1981 م وتضمن 23 مادة. بعد ذلك جاء الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان ويعرف بإعلان القاهرة في اليوم الخامس من شهر أغسطس عام 1990 م وجاء في 25 مادة. نتطرق بعد ذلك الى امثلة هذه الحقوق في الإسلام واهمها. أول هذه الحقوق هو حق الحياة وبسقوط هذا الحق تسقط جميع الحقوق اذ انه لا فائدة منها بعد الموت. ومن امثلة هذه الحقوق أيضا حق المساواة , وحق الأسرة , وحق الإنسان في العيش بأمان , وحق التعلم , وحق العمل والتملك , وحق الحرية والتقاضي. وقد وضع الإسلام أنظمة وقائية وعقابية لضمان هذه الحقوق وعدم التعدي عليها.

تستند حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية الى تفسيرات الإمام احمد بن حنبل ويقوم نظام الحكم في المملكة على مبادئ العدل والمساواة وضمان عدم الظلم بكل صوره واشكاله. السعودية اكدت وبكل وضوح ان أنظمتها تكفل حرية الرأي والتعبير وأنها لا تمنع الممارسات السلمية المشروعة. احد اهم القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء السعودي عام 2008 م هو إنشاء هيئة حكومية مستقلة تسمى هيئة حقوق الإنسان. احد اهم الأمور التي ينبغي الإشارة اليها ترتبط بنظام الحكم في المملكة العربية السعودية وتأتي في الباب الخامس في المادة السادسة والعشرون وتنص على :تكفل حماية الدولة لحقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية.

مشاري محمد الحوحي