« إن مساكن التمريض لم تُخلق قط لمساعدة الأشخاص الذين لا يواجهون فترة من الاعتماد على الغير بسبب تقدم سنهم، بل وُجدت لإخلاء أسرّة المستشفيات. »
ستتغير نظرتك لوالديك بعد قراءتك لهذا الكتاب.
كانت عملية الانتهاء من قراءة هذا الكتاب أمرًا شاقا، فقد كان كتابا يرسم لي ملامح مرحلة لم أكن مدركا لها كما هي.
يصوّر الكاتب والمؤلف الدكتور أتول غواندي ( هندي الأصل ) أثر الطب في حياة الشيخوخة التي يمر بها الإنسان في هذه الحياة كأمر طبيعي، وكونها مرحلة طبيعية ثابتة فقد كان عليه رصد حالات تعبّر عن تصوره، ولكن الذي أراد تصويره هو أثر الطب في هذه المرحلة، والتصورات فوق الطبيعية لأثر الطب في تسهيل هذه الحياة والتعامل معها بشكل غير صحيح عما يجب التعامل به، فهو يوضح الحاجات الحقيقية التي يحتاج إليها الشخص في سنواته الأخيرة، وكيف يخطئ الطبيب في التعامل مع هذه المرحلة بناء على تصوره الخاطئ أن هذا الشخص هو مريض ويحتاج إلى العناية الطبية وليس للتعامل معه بناء على كونه انسان يفقد شيئا فشيئا قدرته على التعامل مع هذه الحياة ويحتاج من يساعد في انهاء حياته بشكل يخفف من ضغطها عليه.
يمر الكاتب عبر فصول هذا الكتاب في رسم تصور للحالات التي تعامل معها، ويضرب في البداية نموذج والده والشخصية التي كان عليها في بيته في الهند ومعيشته في أسرة ممتدة بين عدد كبير من الأبناء والأحفاد ويوضح أثر هذا النموذج الأسري في توطيد العلاقات وكونها التصور الأصلي للأسرة وما طرأ بعد ذهابه إلى أمريكا للعمل كطبيب من رؤيته لنموذج الأسرة النواة التي بها أب وأم وأولاد في سن معين يتم خروج الأولاد من البيت للبحث عن استقرار فردي ومآل الأب والأم لدور الرعاية الطبية للإعتناء بهم وما تمر به حياتهم من تقلبات وتفكك لنموذج الأسرة.
خلال هذه الفصول يصف الكاتب نماذج حاولت التعبير عن احتياجاتها الحقيقية بعدما وصل بها العمر إلى أشدّه واحتياجهم لمن يشعرهم بقيمتهم كأفراد لا كمرضى يحتاجون للدواء والعناية في المستشفيات وفقط، وما ترتب على ذلك من نماذج للعناية Hospice والتطورات التي مرّت بهذه الدور والمعاناة التي كانت للحصول على تصورات مختلفة للعناية بالأفراد بشكل يوفر لهم حياة تشب حياتهم التي كانوا يتمنو أن يعيشوها.
كانت للكاتب قدرة على وصف الحالات التي يقابلها بشكل يصل بك لأن تعيش هذه المراحل بشكل يشعرك بالأسى على فقدان معاني الرحمة والشفقة، وأن الإنسان ضعيف يحتاج من يعتني به، وتتمثل أمامك رحمة الإسلام واعتنائه وحثّه على حقوق الوالدين، والرأفة بهم وتقديره للمرحلة التي سيمرون بها (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (.
هذا الكتاب يرسم لك حدود الطب في التعامل مع الأمراض، وحدود الإنسان وأنه فانٍ لا محاله، وأثر الحياة المادية في تفكك الأسرة وأهمية الدين كمكون أساسي للإرتقاء بالحالة الإنسانية.
الكتاب طبعة عالم المعرفة ويقع في 300 صفحة تقريبا.