بين طيات حياة سابع الأئمة (عليهِ السلام)
ــــــــــــــــــــــ
في طيات حياة من أتخذ من ضيق الأماكن مسجدًا تهوى وتشتكي روحهُ إلى الله -عز وجل- من أفعال عبادهِ الفاسدين، الذين عاثوا في الأرض فسادًا ،وتمردوا الى أشرف سُالالة عرفتها البشرية المتمثلة بذرية رسول الله (صلى الله عليه وآلهِ وسلم).ان رحلة التقرب الى الله والوصول الى معرفته لا تختلف من مكان الى مكان ، ولا تتغير من حال الى حال ، بل كلما ضاقت الحياة وعظمة الشدائد وتراكمت المحن ازداد الانسان قربًا الى الله تعالى ، واستعان بالصبر والصلاة، لقد اتخذ الامام الكاظم (عليه السلام) من السجن مسجدا ، ومن وحشة الحبس ووحدته معتكفًا ومأنسًا بذكر الله وقربهِ سبحانه ، فنهاره صيام وليله منجاة وقيام .عُرِفت الفترة الزمنية التي تزامنت مع إمامة بسابع الأئمة الأطهار (عليهِ وعلى أبائهِ أفضل الصلاة والسلام) بشتى التيارات والمذاهب السياسية والفلسفية، أضافة الى ظهور بعض الفرق الألحادية والزندقة، و مع التضييق من قبل السياسة الحاكمة أنذاك، وعلى الرغم من صعوبة الظرف السياسي وحراجته، وتضييق الحكام العباسيين على الامام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) الا انه لم يترك مسؤوليته الشرعية والعلمية لتصحيح المسار الاسلامي الخاطئ، بما يملك من معارف إلهية، رغم ظروفه السياسية الصعبة من الحصار والتضييق عليه ، بتربية جيل من العلماء والرواة للحديث ،وساهم مساهمة فعالة في ايقاف الانحراف الذي حملته بعض التيارات الفلسفية والعقائدية والكلامية المتأثرة بالغزو الفكري والعقائدي الخارجي، كُل هذا والكثير الذي لا يسعنا المقام لذكره من عملهِ ( عليهِ السلام)،لكننا لم نعرف عنه أنهُ كان يمتلك جناح مسلح او كان زعيم دنيوي كما هو اليوم ممن يدعون السير على طريقهِ! والذين نجدهم بعيدين كل البعد عن صفاتهِ وحياتهِ، وهذا ما وضحهُ المرجع الديني السيد الصرخي الحسني - دام الله ظله- في بحثهِ الموسوم 《نزيل السجون》 ومتسائلًا لما شنت تلك السياسة الحاكمة عليهِ التضييق والتعذيب قائلً سماحته:《لم يكن سياسياً ... بالسياسة الدنيوية ولم يكن قائداً عسكرياً كقادة الجهاز الحاكم الظالم،ولم يكن مسؤولاً أو زعيماً لجناح مسلح ... كعصابات السلب والنهب وسفك الدماء والإرهاب ، ولم يكن منتهزاً وصولياً عابداً للمناصب والواجهات ... كالمنتفعين الوصوليين العملاء الاذلاء في كل زمان.بالتأكيد فإنه لايمثل جهة او حزباً معارضاً ... كالاحزاب المتصارعة على الدنيا والمنافع الشخصية الخاصة.كان إماماً تقياً نقياً زاهداً عابداً ناسكاً مخلصاً عالماً عاملاً آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر ، كان أماناً حجة شافعاً رحمة للعالمين.أذن ... لماذا هذا العداء والنصب والبغضاء؟!》
وختامًا تنعاك أنفسنا مولاي وأنتَ تُسقى السم من تلك الفئةِ الباغية ،التي لم تَرعى الله فيك ولا رسولهِ،فقضيت صريعًا غريبًا، لم يكن ذنبك إلا أنك دافعت عن دين أجدادك، الذي أمسى غريبًا على أيدي الظالمين، فكنت تلك الصرخة الحقة التي تدوي في كل زمان ومكان وتنير دروب الصالحين على مر العصور.سهير الخالدي