المؤكد ان الجامعة العربية تعكس حال اعضائها,او لنقل بصراحة اكثر الدول الوازنة بها,في العشرية الاخيرة لم يكن هناك ركود في التواصل الايجابي بين دولها,بل وللأسف فان بعض دولها ساهم وبشكل فاعل في تمزيق الوطن والدفع بالقضايا الداخلية الى اتون المحافل الدولية,التي تدخلت وبكل ثقلها,ما اسهم في اذكاء الفتن والتناحر بين ابناء الشعب الواحد,حيث القتل والتدمير والتشريد,وإهدار مقدرات الشعوب والعبث بها من قبل اناس اقل ما يقال عنهم بأنهم قطاع طرق منعدمي الضمائر يعملون لصالح الاجنبي لتظل اوطاننا تحت ربقة الاستعمار الذي ناضلنا بكل غال ونفيس لأجل التحرر منه,فكانت التضحيات الجمة وانهار الدماء التي روّت التراب فجعلته طاهرا,فنبتت اشجار الحرية الوارفة الظلال,لكنهم(المستعمرين وأذنابهم) لم يرق لهم ذلك,فأبوا إلا ارجاعنا الى (الحظيرة),فالقطعان التي ساهموا في تيهها لا بد لها من راعي.
كانت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للحكام العرب بمن فيهم اولئك الذين يسعون الى تثبيت حكمهم وجذورهم ضاربة في العمالة,نزولا عند رغبة الجماهير العربية التي لم ترض بأنصاف الحلول,فقدمت آلاف الشهداء فداء لفلسطين والأقصى.
سلاطين بني عثمان لم يغفروا للشاميين وبالأخص المسيحيون العرب,جرأتهم في الاستقلال عن الامبراطورية,لم ينفكوا يحيكون المؤامرات,ونراهم اليوم يدنسون اراضي سورية والعراق في ظل غياب الحكم المركزي القوي.
عربان الخليج عندما سنحت لهم الفرصة (سقوط مصر-كامب ديفيد)دمروا ولا يزالون,سوريا والعراق وليبيا واليمن وانفقوا بلايين الدولارات لأجل ارضاء اسيادهم الغرب,الذين لولاهم لما بقوا سوى ايام معدودة في الحكم حسب قول سيد البيض الأبيض.
فلسطين لم تعد تهم الحكام العرب كما كانت زمن المد القومي,لقد اذلوا شعوبهم التي بالكاد تستطيع سد رمقها,خارطة فلسطين التاريخية لم تعد موجودة بالمناهج الدراسية العربية,كيان العدو تحصل على سند ملكية المدينة المقدسة والمسجد الاقصى,وليس آخرا هضبة الجولان المحتلة,وقد تتبع بضم تلال كفر شوبا وقرية الغجر بجنوب لبنان اللتان لا تزالان ترزحان تحت الاحتلال الصهيوني.
الغرب الاستعماري لم يعد يكترث بالحكام العرب,بل يحسب الف حساب للشعوب الحيّة التي تريد ان تعيش بعزة وكبرياء فوق الارض وتحت الشمس,ان يصل الامر بزعيمة الامبريالية الى تهديد حزب الله في عقر داره,والطلب الى اللبنانيين بمختلف مذاهبهم,مقاطعته والتبرؤ منه,فذاك لعمري يدل على مدى الخطر الذي يمثله الحزب على مصالحها في المنطقة,وبالأخص كيان العدو الذي اصبح بمجمله في مدى (مرمى)صواريخ الحزب,وأحدث توازن للرعب فلم يعد يقو على التوغل ولو لأمتار قليلة,بعد ان اجتاح اكثر من نصف ارض لبنان واستولى على العاصمة بيروت,الغرب لا يعترفون إلا بالأقوياء وضحايا المارينز في بيروت (299 جنديا أمريكيا وفرنسيا في 23 من أكتوبر عام )1983.جعلتهم يتركون البلد في لمح البصر.
للأسف الشديد الجامعة العربية لم يعد لها أي دور في لم شمل الامة,بل نراها مباركة للأوضاع الراهنة,فمندوبيها لدى الدول الساخنة(سوريا,اليمن,ليبيا)لم يفعلوا أي شيء يذكر,ووجودهم مجرد شكلي,وقد يكون بإيعاز من الدول الاستعمارية لإيهام الرأي العام العربي بان الجامعة تعمل لصالحه.حكامنا في احسن الاحوال يبتلعون الخطوب التي ساهموا في ايجادها ويبحثون عن الاعذار,فيقدمون المزيد من التنازلات
لن تخرج عن قمة تونس سوى عبارات الشجب والاستنكار والإدانة وتلك عبارات اعتدنا على سماعها منذ النكسة 1967 م,لاءات الخرطوم ذهبت ادراج الرياح المتتالية,العرب هم من جمدوا او علقوا عضوية سوريا بالجامعة العربية والحديث عن رجوعها رهن بإيماءة من الغرب الاستعماري,ونجزم بان سوريا ليست في عجلة من امرها للعودة الى حضن مؤسسة تبيع منتسبيها(ابنائها)بابخس الاثمان بل لا يشرفها ذلك,القمة ستفضي الى مزيد من التنازلات وإيجاد الحجج الواهية لواقعنا المزري.
يتزامن انعقاد القمة في تونس مع يوم الارض الفلسطيني وندرك جيدا ان لا فائدة ترتجى من المجتمعين,وقد يقدمون على منح بعض الدولارات للفلسطينيين ولكنها حتما لن تغني ولن تسمن من جوع والأمل معقود على شباب الداخل الفلسطيني الذي يقدم التضحيات عند كل مطلع شمس فتحية الى الفتى عمر ابي ليلى ورفاقه,فجذوة الثورة لن تنطفئ رغم مرور سبعة عقود,والجيل الرابع عند الموعد وان حاول كبار السن بيع القضية.
العلاقات مع كيان العدو اصبحت على الاشهاد,بل هناك دعوات لإقامة علاقات متينة معه وان لم تحل القضية الفلسطينية وفق مؤتمر بيروت,انهم يستعجلون التطبيع,وذلك يدل وبما لا يدع مجالا للشك بأنهم ليسوا اهلا للمسؤولية, بل مجرد دمى,ينفذون اوامر المستعمر,ورأس حرب في خاصرة كل من يحاول السعي الى تكوين كيان عربي موحد ينعم مواطنوه بخيراته.