هل تساءلتِ يومًا كيف أَجِد موهبتي؟ كيف أغتنم موهبتي؟
عندما ولدنا وخرجنا على الحياة؛ خرجنا بروحٍ جديدة بحُبٍّ جديد وبأملٍ كبير…
خلقنا الله ورزقنا قدراتٍ عظيمة ومواهب مُختلفة وطاقات هائلة نسعى بها لعبادته ﷻ، ثُمَّ لبناء أنفسنا ورفع راية أُمَّتنا.
لم يوجدنا الله عبثًا، خلقنا بعقلٍ دون سائر المخلوقات لنتفكَّر فيما خلقه الله وسخَّره لنا، تأمَّلي أنامل يديكِ الصَّغيرة؛ من سوَّاها وأحسن خلقها؟ وانظري كيف يستخدمها المعلِّم والطَّبيب والمهندس والكاتب والرَّسَّام والخطَّاط والمصمِّم والمصوِّر والجنديُّ كُلٌّ حسب مهنته…
كُلٌّ مِنَّا لديه طاقة كامنة وكنزٌ دفينٌ مخبَّأٌ داخله، هناك من وجد كنزه وأحسن اغتنامه بفضلٍ من الله، وهناك من وجد كنزه لكنَّه لم يحسن اغتنامه واستثماره، ويوجد من لم يجد كنزه بعد.
هيَّا بنا نركب سفينة الإبداع لنبحث عن كنوزنا الثَّمينة الدَّفينة لنستخرجها ونستثمرها، أنا على يقينٍ بأنَّ هناك أمواجٌ عالية ورياحٌ عاتية تنتظرنا وستحطِّمنا إن استسلمنا لها، لكن بإلاصرار والعزيمة والجدِّ والاجتهاد سنتغلَّب عليها بإذن الله، وسنصل حتمًا إلى وجهتنا آمنين سالمين غانمين.
إن كنتِ قويَّةً تطمحين لإيجاد كنزك الدَّفين؛ هيَّا اركبي معنا، فها هو شِراع سفينتنا أُنزِل مُعْلنًا بدء الإبحار.
لماذا أبحث عن موهبتي؟
لأنَّ الموهبة مهارة وطاقة حثَّ الله ﷻ ورسوله ﷺ على البحث عنها وتفعيلها والانتفاع بها، وإلَّا فما قيمة الموهبة؟
قال تعالى: ﴿وَأَخي هارونُ هُوَ أَفصَحُ مِنّي لِسانًا فَأَرسِلهُ مَعِيَ رِدءًا يُصَدِّقُني إِنّي أَخافُ أَن يُكَذِّبونِ﴾ القصص: ٣٤.
قال تعالى: ﴿قالَت إِحداهُما يا أَبَتِ استَأجِرهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأَمينُ﴾ القصص: ٢٦.
قال تعالى: ﴿قالَ اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ﴾ يوسف: ٥٥.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «أرحم أُمَّتي بأُمَّتي أبو بكرٍ، وأشدُّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب اللهِ أبيُّ بن كعبٍ، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإنَّ لكُلِّ أُمَّةٍ أمينًا، وإنَّ أمين هذه الأُمَّة أبو عبيدة بن الجراح». سنن الترمذي
الموهبة: هبةٌ ربَّانيَّة، طاقةٌ تُولِّد الإبداع، مهارةٌ وشغفٌ لا محدود.
الموهبة نوعين:
- فِطريَّة: تُولد مع الإنسان.
- مُكتسبة: يتمُّ اكتسابها بالتَّعلُّم والتَّدريب والممارسة.
مجالات الموهبة:
- القيادة.
- التَّفكير الإبداعي.
- القدرات العقليَّة.
- الإدارة.
- الفنون.
- وغيرها…
أين أَجِد موهبتي؟
في كثيرٍ من الأحيان نجد أنَّ المواهب والقدرات تتجلَّى في شغفنا، في الأشياء الَّتي نُحِبُّها ونستمتع بها ونشعر بشعورٍ أفضل عند ممارستها…
كيف أكتشف موهبتي؟
إليكِ خطوات تساعدك بإذن الله في اكتشاف مواهبك وقدراتك:
- توكَّلي على الله، واستعيني به، واخلصي له النِّيَّة بأن تُسخِّري موهبتك في نفع دينك ووطنك وأُمَّتك
- تأمَّلي ذاتك، ابحثي عن ميولك، عن شغفك، عمَّا تُحبِّين -طبخ، كتابة، تصميم، تصوير، إلقاء، إنشاد، شعر، وغيرها…-.
- استرجعي شغف طفولتك، الأشياء الَّتي كانت تُحرِّك مُخيِّلتك، الأحلام الَّتي كانت تراودك.
- جرِّبي بين فينةٍ وأُخرى ممارسة موهبةٍ جديدة، وتلذَّذي بما تصنعينه، تنقَّلي كنحلةٍ من لونٍ إلى آخر، ومن فنٍّ إلى آخر؛ باحثةً عن ذاتك.
- استشيري واسئلي والدتك وصديقاتك ومعلِّماتك؛ ليقدِّمن لكِ نصيحةً تساعدك وفق ما يلاحظنه عليك من قدرات ومواهب.
- جرِّبي مُمارسة أعمالٍ تعتقدين أنَّك لا تجدينها؛ ودوِّني ملاحظاتك.
- اقرئي في شتَّى المجالات، تعلَّمي، اكتسبي المهارات، غذِّ عقلك؛ فأنتِ ثروة لأُمَّتك.
- دوِّني أفكارك الخاطفة؛ لأنَّها مصدر إلهامٍ لكِ.
- حفِّزي نفسك، وابحثي عمَّا يدفعك للأفضل، اجعلي لك أهدافًا، وابذلي في سبيل تحقيقها وقتك وجهدك؛ فأنتِ فنار الأُمَّة المنتظر.
- خوضي اختبارات ومقاييس تحديد الميول؛ لتتعرَّفي على مهاراتك وتوجُّهاتك.
ماذا بعد أن أَجِد موهبتي؟ كيف أُطوِّرها؟ كيف أُنمِّيها؟ كيف أنفع بها نفسي وأُمَّتي؟
بعد اكتشافك لموهبتك، وجب عليك الاهتمام بها، تطويرها، تنميتها، والاستفادة منها، وإليك هذه المفاتيح الَّتي ستساعدك في تطوير موهبتك وتنميتها والاستفادة منها بإذن الله:
- الاستماع لآراء أهل الخبرة في نفس مجالك واهتمامك وموهبتك يُحسِّن من مهاراتك.
- منافسة المبدعين بالمشاركة في المسابقات والتَّحدِّيات.
- طوِّري موهبتك بالقراءة، والممارسة المستمرَّة.
- تطوَّعي بموهبتك بالانضمام إلى فرقٍ تطوُّعيَّة.
- افتتحي مشروعًا صغيرًا تستثمرين فيه موهبتك؛ فتنفعين به نفسك ومجتمعك.
يقول أحدهم: “هديَّة الله لنا قدراتنا الكامنة، وشكرنا لله تطويرها”.
وصايا قلبيَّة :
- حذارِ حذارِ أن ينهش اليأس روح الإبداع لديك.
- حاولي مرَّةً بعد مرَّة، فإن تعثَّرتِ مرَّة ستنجحين ألف مرَّةٍ ومرَّة.
- لن تعرفي أنَّكِ تجيدين شيئًا مالم تجرِّبيه بنفسك؛ جرِّبي.
- تعلَّمي مهارات جديدة.
- واجهي الحياة بقوَّة؛ ربِّي معك.
- إيَّاك ومصاحبة المثبِّطين لعزيمتك؛ تفائلي بالأجمل.
- حاربي الكسل؛ وستتقدَّمين بإذن الله.
- عندما تحقِّقين هدفًا، ابحثي عن هدفٍ آخر أبعد وأسمى؛ فتنمِّين فيك ذلك روح العمل باستمرارٍ دون مللٍ أو كللٍ.
رست سفينة الإبداع على جزيرة الموهبة، فهيَّا بنا لنبحث عن كنوزنا الدَّفينة ونحلِّق في سماء الإبداع.
أخيراً؛ ابحثي عن موهبتك بعزمٍ وإصرار، تتبَّعي شغفك، اسئلي نفسك: ماذا أُحِبُّ أن أتعلَّم؟ ماذا أُجيد من أعمال ومهارات؟ ما هي نقاط قوَّتي؟ وما هي نقاط ضعفي؟ مَن قدوتي في الحياة؟ ولماذا؟ مالَّذي يُميِّزني عن غيري؟ ما الأشياء الَّتي كانت تجذبني في طفولتي؟ مالَّذي يشكرني عليه الآخرين؟ ما أهدافي في الحياة؟ مالَّذي يشغل أغلب وقتي؟ ما الوظائف الَّتي أطمح للحصول عليها؟ لماذا أبحث عن شغفي؟ ما الأشياء الَّتي تجعلني سعيدةً؟ ماذا أُحِبُّ أن أُقدِّم للآخرين؟ ما هي الكتب الَّتي أُفضِّل قراءتها؟ ما الأشياء الَّتي تثير فضولي؟ ما المهارات الَّتي أرغب في اكتسابها؟.
لا تستسلمي، فأنتِ بموهبتك تبنين مجدًا وتحيين أُمَّةً بإذن الله، واجهي مخاوفك، اخرجي من قوقعتك بتحدٍّ كبير وصبرٍ جميل نحو الحياة، تعرَّفي على نفسك أكثر وطوِّري ذاتك؛ فأنتِ تستحقِّين فرصة.
هذا والله أعلم ✨