طاعة القائد الحكيم والتعاون يحقق النصر....

نَصَبَ الصيَّادُ شَبَكَتَهُ فيِ السَّهَلْ الأخضرِ ، وَبَقُرُبِ جَدْوَلِ الَماءِ ، وَنَثَر فَوقَها الحَبَّ ، وَكمَنَ فَيِ مكَانٍ قَريبٍ يَنْتَظِرُ الطّيوُرَ الجَائِعَةَ الَّتي سَتَسْقُطُ فيِ شَبَكَتِهِ ، وَتَكُونُ صَيْداً وَفِـيراً ، فَلَم يَلبَثْ الَّا قَليلاً ، حَتَّى مَرَّتْ بِه حَمَـاَمةُ يُقَالُ لهَاَ المطُوَّقَةُ وكاَنَت سَيَّدِةَ الحَمَامِ ، وَمعَهَا حَمامُ كَثِيرُ.


 




رَأَتِ الحَمَاَمَةُ المُطَوَّقَةُ الحَبَّ وَلَم تَرَ الشَّبَكَةَ ، وَكَانَتْ جَائِعَةً بَعْدَ رِحْلَةٍ طَوِيلةٍ ، فَانْقَضَّتْ وَانْقَضَّ الحَمَامُ مَعَهَا ، فَوَقَعْنَ فيِ الشَّبَكَةِ جَمِيعًا ، وَجَعَلَتْ كُلُّ حمَامَةٍ مِنْهُنَّ تَضْطَرِبُ وَتُحَاوِلُ الخَلَاصَ لِنَفْسِهَا ، وَلَكِنَّ الشبَكَةَ كَانَت مُحْكَمةً وَلَاسَبِيلَ إِلى الخَلَاص . 






قَالَتِ المُطَوَّقَةُ : تَعَالَيْنَ نَتَعَاوَنْ جَمِيعًا ، وَلَاتُحاوِلْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ، فَلَعَلَّنَا نَقْلَعُ الَّشبَكَةَ فَيُنْجِي بَعْضُنَا بَعْضًا .
وَصَاحَتِ المُطَوّقَةُ : هَيَّا أَيتُها الحَمَامَاتُ ، وَاحِدْ ، اِثنَان ، ثَلَاثَة ، فَانْتَزَعْنَ الَشبكَةَ ، وَطِرْنَ بِهَا فيِ السَّمَاءِ العَالِيَة . 


وَرَأى الصَّيَّادُ ذَلِكَ فَتَعَجَّبَ وّشّبَكَتُهُ تَطِيرُ فيِ السَّمَاءِ ، فَتَبِعَهُنَّ ، وَلَمْ يَقْطَع رَجَاءَهُ مِنْهُنَّ ، وَظَنَّ أَنَّهُنَّ لَايَطِرْنَ إلَّاقَريِبًـا حَتَّى يَقَعْنَ . وَآلتَفَتَتِ المُطَوَّقَةُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الصَّيَّادَ يُتَابِعُهُنَّ وَيُلَاحِقُهُنَّ ، قَالَتْ : الصَّيَّـادُ يُتَابِعُنَا وَيُلاَحِقُنَا ، وَإِنْ تَعِبْنَا فَسَيُمْسِكُ بِنَـا .

 
تَعَاَلَوا نُضَلِّلُهُ وَنَطِيرُ بَينَ الشَّجَرِ وَالعُمْرَانِ حَتَّى لَايَرانَا وَيَيْأَسَ وَيَنْصًرِفَ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ فيِ الطَّريقِ القََرِيِبِ مِن مَدخَل القََرْيَةِ جُحْرُ جُرَذٍ وَهُوَ صَدِيقُ ليِ ، فَإِذَا وصَلَلْنَا إِلَيْهِ فَسَيَقُومُ بِمُسَاعَدِتنَا وَيَقرِضُ هَذِهِ الشَّبَكَة وَيُخَلِصُنَـا مِنْهَـا . 




فَعَلَ الحَمَامُ مَاأَمَرَتْهُنَّ بِهِ سَيدَتْهُنَّ المُطَوَّقَةُ وَطِرْنَ بَعيداً بِيِن الشَّجَرِ وَالعُمْرَانِ ،وَخَفِينَ عَلَى الصَّيَّادِ ، وَيَئِسَ مَنْهُنَّ وَانْصَرَفَ ، فَلَمَّا انْتَهَتِ الحَمَامَةُ إِلى مَكَانِ الجُرذِ ، أَمَرَتِ الحَمَامَ بالنُّزُولِ ، فَوَقَعْنَ ، وَوَجَدَتِ الجُرذَ وَقَد أَعَدَّ أَكثَرَ مِنْ مِئَةِ جُحرٍ لِلمَخَاوِفِ. 



نَادَتِ المُطَوَّقَةُ الجُرَذَ باسِمهِ ، فَأَجَابَها وَخَرَج إليَها مُسْرِعاً ، فَلَمّا رَآهَا فيِ الشَّبَكَةِ قَالَ لَهَا :مَأَوْقَعَكِ يَاصَدِيقَتي فيِ هَذِهِ الوَرْطَةِ ؟ قَالَتِ المُطَوَّقَةُ : الخَيرُ وَالشَّرُّ قَدَرُ مَحْتوُمُ ، وَالمَقَادِيرُ هيَ الَّتي أَوْقَعَتْنيِ وَأَخْفَتْ عَن عَيْنَي الشبَكَةَ وَدَلَّتْني عَلَى الحَبّ ، فَوَقَعْتُ وَصُوَيْحِبَاتيِ . 



أَخَذَ الجُرذُ فيِ تَقْرِيضِ العُقَدِ الَّتيِ كَانَتْ فيَها المُطَوَقَةُ ، فَقَالَتْ لَهُ : اِبَدأ بِتَقرِيضِ عُقَدِ سَائِرِ الحَمَامِ قَبليِ ، ثُمَّ دَعْنيِ لْلأَخيرِ . وَأَعَادَتْ عَلَيهِ القَوْلَ ، وَلَمء يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، وَلَمَّا الَحَّتْ ، قَالَ : أَنْتِ السَّيَّدِةُ وَأَنتِ الأُولَى ، فَقَالَتْ إِذَا بَدَأتَ بي فَسَتَملُّ وَتَكِلُّ عَنِ الآخَرينَ ، وَإِن بَقيتُ أَنَا فَسَتَنْشَطُ وَتُخَلِّصُينيِ ، فَقَالَ الجُرَذُ : يَالَكِ مْنِ سََيَّدِةٍ وَفِيَّةٍ .