رحيم الخالدي
وجوه مكفهرّة، يأس يطال أغلب شرائح المجتمع، شباب يعاني من البطالة، رجال سلب الدهر قوتهم، قضوها بحروب البعث المستمرة، حملة شهادات عليا يعانون من شظف العيش بسبب العوز المادي، لانهم لم يحصلوا على وظيفةٍ، ينتظرون بفارغ الصبر من يساعده، ومنهم من عمل بالعمل الشاق الذي لا يتناسب وشهادته، قسم آخر آثر أن يعمل حمالاً حتى أخطار تَتَوالى على العراق من داعِش وأخَواتها، نَنْتظر تنظيم جديد تحيكهُ أمريكا وبوادرهُ تلوحُ بالأُفق .
أنهى الدكتور حيدر العبادي دورته والتي تراوحت بين فضح لملفات خطيرة جداً، متوعداً لصوصها اؤلئك بالمحاسبة، وقد نال تأييد المرجعية والمواطن الذي خرج مؤيداً للخطوات التي طرحها، لكن تفاجأ الجميع بالتقشف، الذي أوقف كل مفاصل الحياة، وقد إنتهت حكومته دون منجز سوى إيقاف حكومة الإقليم من التمدد، ومنعها من الإستحواذ على محافظة كركوك ونفطها المسروق، وها هي اليوم تُعيد الكرّة دون رادعِ كأنها دولة مستقلة!
البطاقة التموينية بقيت كحالها، حيث إنقضت السنة الفائتة، من إستقطاع أربع أشهر دون تعويض، علماً أن الوكلاء قبضوا أثمان تلك الأشهر، مع تدني المستوى ولا نعرف من هو المقصر.. ولم نرى أو نسمع تصريح واضح من قبل الوزارة النائمة، وهل سيبقى قوت الفقراء على هذا الحال! أم أن السيد عبد المهدي قد أعد خطة لهذه المعضلة، التي لم نرى أي تحسن فيها منذ سقوط النظام السابق لحد يومنا الحاضر.
المواطن العراقي اليوم أمسى يائساً، جراء الوضع المتردي في الخدمات، وأصبح لا يثق بالحكومة، ويريد حلولاً سريعة وفاعلة، سيما أن القانون اليوم يعاقب الفقير على أبسط شيء، ويترك الحيتان الكبيرة تسرح وتمرح بحماية الدولة، وكلنا يعرفهم، وهنالك أكثر من مؤشر، والوكالات العالمية قد أوضحت بشكل صريح أنهم سراق وفاسدين، ولديهم أرصدة في كثير من الدول إضافة للأملاك التي إستحوذوا عليها .
السيد رئيس الوزراء وهو في بداية تسنمه المنصب، لديه رؤية وقد طرح أجزاء منها في ولاية السيد العبادي، وشرح في كيفية إستثمار الجهود وكيفية التحول من الدولة الريعية، التي تعتاش على العائد النفطي، كذلك المعالجة، إضافة للخطوات التي إتخذها تنم عن القيادة الحقيقية، لكن ليومنا هذا لم نلمس محاسبة للفاسدين سوى التصريحات.. سيما أنه إتخذ قرار تشكيل خلية مكافحة الفساد، والملفات تعج بها رفوف هيئة النزاهة .
إذا بقي الحال كما هو عليه، لن يتم محاسبة أيّ من الفاسدين لأنهم أصحاب كراسي، متوغلون في كل المفاصل (الدولة العميقة) التي طالما أشار اليها سياسيين فاعلين، واليوم السيد رئيس الوزراء، مطالب أكثر من أيّ وقت مضى بالمحاسبة، واسترجاع ما تم سرقته خلال السنوات الفائتة، والمضي نحو بناء دولة حقيقية، لتهابنا باقي دول الجوار، التي تريد جعلنا ساحة تصفيات لحساباتها مع خصومها..ونحن لسنا كذلك .