ندرك أننا على شيء من أمرنا حين نكون غير مضطرين إلى آخر يمنحنا-وربما يمنعنا - ما يجعل لحياتنا قواما. فعندما نبدأ في تشغيل أولى أعمالنا: وظائف أو مشروعات صغيرة، ننتقل من حيّز العوز إلى الدعم، نحو تقديم الدعم لأن استقلاليتنا في مدخولنا المعيشي تلهمنا بأننا قد صرنا جديرين بتحمل مسؤوليات حياتنا ، إنها تتمة خصوصيتنا عبر اعتراف معتمد اجتماعيا .
إلا أن ثمة نوع من الاستقلالية خفي الطابع، ومن خطورة شأنه أن يتحكم بكيف نتذوق أنفسنا في حياتنا، له تأثير مضاعف ومركب وحرج في مستوى واحد.
(أريد أن أستقل بأسباب سعادتي!)
هل ترانا نشمئز لو اعترفنا بأن العبودية للبشر لا تقف عند حد وضع الأغلال في رقاب العبيد أيام الجاهلية، وأن الصورة التي تخرج بعد ترشيح طبقات العبودية تكمن في فكرة مفادها: أن الاعتماد على طرف آخر في اكتساب وجهنا الإنساني إنما هو مؤشر على عبوديتنا الذهنية والنفسية له!؟
بأي شيء أصف كوني لا أتمكن من الشعور بالفرح إلا إذا منحني إياه الآخرون؟ وقس على هذا أحاسيس : الحب، والأمان، والشجاعة ، والأمل؟!
أي قدر نهدر من كرامتنا وحريتنا عندما نترقب المناسبات لتكون سعيدة ، فقط وفقط إذا، تذكرنا فيها الآخرون؟
أي تعاسة ستشغل قصة حبنا فيما لو كان عطاؤنا للحب متوقف على مدى قبول الآخر له؟
إذا لم نتدرب على الفرح من ذاتيتنا، وإذا لم نكف الحب أنفسنا، وإذا لم نبن حماية حول عالمنا الداخلي ، فإننا نعلن بطريقة ذات طابع "عبودي" أننا نحتاج الآخرين احتياج قهر وغلبة وإفلاس.
إن المحترف إبداعيا- كاتبا، رساما، شاعرا،، إلخ- قد فهم جيدا أن سورة الإبداع تتيقظ في المنحدر الذي نستشعر به أنفسنا ككائنات مستقلة لا تنتظر عطاء الروح، ولا العقل، ولا المشاعر من أي جهة خارجة عنا، أي عن عمقنا الأزلي.
من اليوم وتاليا، سأكون "مستقلا، أمتلك فرحتي، وحبي، وأماني!" .