*****************************

من باب العدالة والانصاف علينا - نحن المسلمين عمومًا والمسلمين المستوطنين في الغرب خصوصًا - الاعتراف بثلاثة أمور:

(1) الأمر الأول:

أن هذه البلدان الغربية هي بلدان (مسيحية) من حيث الهوية الثقافية الدينية حتى لو كانت من الناحية السياسية تقدم نفسها على أنها دول (ديموقراطية ليبرالية) تتسامح مع بقية الأديان، فهي دول مسيحية أولًا وليبرالية ديموقراطية ثانيًا، وبالتالي أي شعور بتهديد هويتها الثقافية (المسيحية)(*) بلا شك سيستفز قواها (المحافظة) ويدفعها للتحرك للدفاع عن الذات والهوية وهو رد فعل طبيعي من حيث المبدأ!... لهذا يجب علينا تفهم طبيعة صعود هذه القوى (الوطنية والقومية) المحافظة التي تنظر للمسلمين ثم الاتحاد الأوروبي كتهديد لهوياتها القومية والوطنية!.. تخيّل معي أننا في ليبيا هاجر الينا ملايين الافارقة المسيحيين والوثنيين واعطيناهم بدوافع انسانية حق المواطنة وأخذوا في بناء معابد لهم في بلادنا ثم تورط بعضهم في أعمال ارهابية ضد المدنيين في ليبيا بذريعة من الذرائع، كيف سيكون رد فعل أغلب الليبيين ضد هؤلاء المهاجرين المتزايدين!؟؟؟.

(2) الأمر الثاني:

بصراحة نحن المسلمين المقيمين في الغرب وخصوصًا (المتدينين) منا - وبكل هذه المساجد التي تسيطر عليها الجماعات المختلفة - لم نقدم نموذجاً للتدين الاسلامي السليم والطيب والايجابي و(الحضاري) في الغرب الذي يجعل شعوب هذه الدول تتقبل وجودنا بارتياح!.. لذا لابد على المسلمين في الغرب السعي إلى ازالة كل هذا (الغبش) الذي علق بصورة المسلمين والاسلام بسبب هذه الجماعات المتطرفة وبسبب هذه العمليات الارهابية ورفع صوتهم بشكل واضح في البراءة منها وتبرئة الاسلام منها.

(3) الأمر الثالث:

هو أن وجودنا في الغرب - نحن العرب والمسلمين - وجود (غير طبيعي) فرضته الضرورة والظروف الطاردة في بلداننا العربية والمسلمة، لهذا يبقى الحل الطبيعي هو حلم العودة للوطن الأم!.. لكن لا يمكن تصور هذه العودة إلا من خلال تحقق الاستقرار والازدهار في هذه الأوطان مع قدر جيد من ضمانات حقوق الانسان، مع أنني أؤكد بأن أغلب المهاجرين (90%) لم يهربوا من بلدانهم بدافع البحث عن الحرية الفكرية والسياسية (**) بل هاجروا لإسباب تتعلق بالبحث عن الرفاهية وطموحاتهم الشخصية!.. لذا فـ(حل العودة) هو الحل الأفضل ولكن يجب أن يتم بطريقة منظمة بالاتفاق بين الدول الغربية والدول العربية والمسلمة.. فإنني والله بت أخشى على الأجيال المسلمة والعربية القادمة المقيمة في الغرب أن تتعرض على المدى البعيد إلى محنة عظيمة!، وذلك حينما تزداد معدلات التطرف العنصري الشعبوي في الغرب لينتهي الأمر بقيام حكومات يمينية تتمتع بقاعدة شعبية عارمة تدفع بإتجاه طرد المهاجرين المسلمين وسحب الجنسيات منهم بعد تفكيك الاتحاد الأوروبي!.. أو ينتهي الأمر بمسلمي أوروبا كما انتهى بيهود أوروبا حينما يزداد المد القومي الشعبوي، وذلك إما بالتخلص منهم بطريقة (هتلر) أي (الابادة)!، أو بطريقة (وعد بلفور) أي السعي إلى ايجاد (وطن قومي بديل) لمسلمي أوروبا في افريقيا أو أسيا كحل سياسي للخلاص من هذا الصداع المزمن والجسم الغريب!.

**************

سليم نصر الرقعي 

مارس 2019

(*) لا أقصد بالمسيحية أي أن هذه المجتمعات متدينة!، فالواقع أن الغالب فيها أنها مجتمعات ليست متدينة لكنها في الوقت ذاته تنظر للمسيحية على أنها جزء أصيل وأساسي في ثقافتها الوطنية والقومية، فالمسيحية هي ديانتها الوطنية القومية حتى لو لم يلتزم بها الافراد لكنها تظل جزء لا يتجزأ من شخصيتها القومية الوطنية!.
(**) للأسف الشديد أنه حينما لم تعد دعوى طالبي اللجوء من العرب والمسلمين بأنهم معارضون سياسيون أو أصحاب رأي تجدي في اقناع السلطات في الغرب بمنحهم حق اللجوء، بدأ البعض بتغيير (خطة اللعب) أي باللجوء إلى حيلة أخرى!، وهي إما التظاهر بالإلحاد أو تبديل الدين أو التظاهر بأنه شاذ جنسيًا (مثلي!!) فيظل يتباكى أمامهم بأنه يخشى على حياته من قسوة ومخالب المجتمع العربي والمسلم (المتوحش) إذا عاد إليه!، وأغلب هؤلاء والله يكذبون لا لشيء إلا للحصول على حق الإقامة الدائمة في الغرب على طريقة (الغاية تبرر الوسيلة!).. هذه حقيقة مرة ولكن يجب أن تُقال!