البقعة العمياء في العين، هي ظاهرة فيزيائية بحتة، فالمعروف فيزيائياً أن الأجسام التي نراها تعكس الضوء الساقط عليها وتوجهه إلى العين لكي تستطيع رؤيتها، والعين ترى الأجسام إذا وقع الضوء المنعكس على أطراف الأعصاب الحسية بعد انقلابها في العدسة مؤديةً إلى تكوين نبضات كهربائية يحملها العصب البصري المتصل بالدماغ، ليقوم الدماغ بمعالجتها وترجمتها إلى صور تراها العين،

ولكن ماذا يحدث إذا وقع الضوء على غير الأطراف؟

توجد منطقة صغيرة جداً في شبكية العين لاتحتوي على مستقبلات بصرية أو خلايا حسية للضوء تسمى البقعة العمياء، وهي المنطقة التي تخرج منها ألياف العصب العيني القادمة من الشبكية والمتوجهة إلى العصب البصري ثم إلى المخ. (انظر الشكل)

Image title

ولأن هذه البقعة لاتحتوي على مستقبلات بصرية؛ فوقوع الضوء عليها لايكوِّن صورة تمكن العين من رؤيتها. 

البقعة العمياء جزء طبيعي في تركيبة العين لذلك لانشعر بوجودها؛ بسبب قيام الدماغ بتعبئة نقص الرؤية بمهارة من خلال الاستعانة بالصور حول البقعة.

ولتوضيح الموضوع أكثر سأدعُك تقوم بتجربة بسيطة تُمكِنُك من ملاحظة هذه البقعة.

لدينا هذه الصورة :

Image title

الآن كل ماعليك فعله هو إغلاق العين اليمنى والتركيز بالعين اليسرى على علامة الـضرب داخل الدائرة الموجودة في يمين الصورة، ستلاحظ بعد فترة قصيرة اختفاء النقطة الموجودة على الدائرة في يسار الصورة وظهور المربعات مكانها لتكون وكأنها غير موجودة في الأصل.

يمكنك أيضاً إغلاق عينك اليسرى وتركيز نظرك على النقطة في الدائرة يسار الصورة وستلاحظ الأمر ذاته يحدث مرة أخرى ولكن مع اختفاء علامة الـضرب.

سبب اختفاء النقطة في المرة الأولى وعلامة الـضرب في المرة الثانية هو أن الضوء المنعكس منها سقط على البقعة العمياء في عينك، ولعدم وجود مستقبلات بصرية في هذه البقعة لم تتمكن من رؤية العلامتين، وقام الدماغ بتعبئة مكانها بالاستعانة بصورة المربعات الموجودة حول البقعة. 

هذه البقعة لايتجاوز حجمها رأسُ إبرة، وهي في الأساس بقعة واحدة طبيعية لاتثير القلق، إلا اذا ازداد حجم البقعة وغابت الرؤية في حيز أكبر من المجال البصري؛ مما يعني وجود أكثر من بقعة واحدة في كل عين.

قال تعالى: ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) صدق الله العظيم.