كتب / أحمد الشيخ
يُعَدُّ سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، واحداً من المفكرين الاستراتيجيين الذين عُرِف عنهم اهتمامهم الشديد بقضية استشراف المستقبل، وتشخيصهم الدقيق للقضايا المركَّبة والمعقدة. وقد أثبتت التطورات لاحقاً صدق هذه التوقعات.
وقد بدأ الفكر الاستشرافيُّ لسعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي في الأفكار الثرية التي طرحها قبل نحو 20 عاماً، في الحوار المطوَّل الذي أجرته معه صحيفة "الاتحاد"؛ بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي الثالث لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في يناير 1997، الذي ناقش قضية ثورة المعلومات والاتصالات، وأهمية الاستثمار في التعليم وتوطين التكنولوجيا المتقدمة، باعتبارهما من أهم ركائز تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن يعود إلى قراءة ما جاء في هذا الحوار سوف يكتشف القدرات الخاصة لسعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي على التنبؤ والاستشراف.
ففي هذا الحوار تحدث سعادتـه عن الأهمية القصوى لثورة الاتصالات والمعلومات، وطالب بتأسيس وزارة للاتصالات والمعلومات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد أصبحت هذه القضية في سنوات لاحقة محور اهتمام العالم كلِّه.
كما استشرف سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي في هذا الحوار أهمية الاستثمار في التعليم، وخاصة في العلوم العصرية المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة، حينما حدد طبيعة الخطوات التي من شأنها الارتقاء بمنظومة التعليم في الإمارات، سواء لجهة تغيير النظام التعليمي القائم على التلقين إلى نظام قائم على الحوار، أو لجهة إلغاء ما يسمى بالأدبي والعلمي في الثانوية العامة، وتدريس تكنولوجيا المعلومات والرياضيات والفيزياء والعلوم الأخرى، ابتداء من المرحلة الابتدائية بشكل مكثف، وتزويد جميع الفصول بمختبرات كمبيوتر؛ وهو ما تحقق بالفعل الآن بعد عشرين عاماً.
وفي الحوار نفسه وضع سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي يده على مشكلة أساسية لا نزال نعاني منها حتى اليوم؛ فحينما سُئل عن الإدارة العربية وتقييم الموظف أجاب بأننا في العالم العربي نعتمد في التقييم على ما تُسمَّى الشخصنة؛
وهذا دليل على أن العالم العربي لم يطَّلع على ثقافة التطوير.
وهكذا يكون سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي قدَّم تشخيصاً دقيقاً لأزمة مزمنة تعاني منها الإدارة العربية حتى الآن؛ فالتجنيد للمناصب في معظم الدول العربية بداية يتم، ليس وفقاً لمعيار الكفاءة، بل تبعاً لمعايير المحسوبية والواسطة؛ وهذه مشكلة تعوق عملية التطوير داخل العالم العربي.