لماذا نُريدُ أن نحب الكونَ بعيدًا عن حبِ خالق هذا الكون؟!
لعلك ترى في نفسك القدرة على فحص هذا الكون وإبراز خباياه، ولكنك قد نسيت أن هذه القدرة من عند الله وأن الجمال أيضًا من صنع الله، وإذا أراد الله ألا تصل إلى صنعه فلن تصل، وإذا أرادك ألا ترى ولا تسمع فلن ترى ولن تسمع..كما قال الله تعالى في سورة البقرة "بديعُ السماواتِ والأرضِ وإذا قضى أمرًا فإنما يقول له كُن فيكون".
الله هو الحب والجمال، هو أولُ كل شيء وآخره، سبحانه.. إذا تدبرت الآيات وتقربت منه ستجدُ بداخلك حياءً من أن تنسب شيئًا لنفسك أو أن تنسب جمالًا تراه لنفسه! فكل شيء منه وإليه.. حتى الحرف الذي تكتبه قد علمك إياه.
من غرور الإنسان أنه ظن نفسه منافسًا على هذه الأرض، وهذا من الضلال، لا ينبغي أن نظن ذلك أبدًا، فنحن على الأرض عابرو سبيل ليس إلا، فيجب علينا أن نحترم ذلك للنهاية، وأن نحفظ لصاحب الأرض أرضه وللمالك ملكه، فلا نتزود إلا بما يعيننا على الحياة ولا نتنافس إلا على الجنة، فخير الزاد التقوى وخير التنافس التنافس على الآخرة.
أصبحنا في وقت من الزمان، يأخذُ فيه الإنسانُ كل شيء لينسبه إلى نفسه كي يرتقي في أعين الناس، فيتخذُ من الجمال، العلم، الثقافة، المال، ومن كل شيء سبيلًا لذلك..ولكن الدنيا لن تطيب له أبدًا بغير ما يريده الله منه. فالعجيب في زمننا هذا أن كل شيء يمكن أن يتباهى به الإنسان قد قلت قيمته، فكل شيء أصبح في متناول الجميع، والجميع يرى الجميع، فلم يعد هناك شخص مميز بالذات. فصاحب الجمال يرى من هو أجمل، وصاحب العلم يرى من هو منه أعلم.
كم نحن مساكين! نعتقد أن الدين يسلبنا من الحياة و الدين هو الحياة! ففي بساطة العيش ورقة الكلمات وطيب النفوس، في التواضع لله وإطالة الذكر؛ يكمن الجمال الحقيقي. فكم أنسانا الشيطان ذكر ربنا! في صخب وأضواء المدينة وفي صوت الإشعارات، حتى عندما نذكر الله على الفايس بوك لا ننجو من أصوات الناس في رؤوسنا.
يا رب سلم.