تواصل الحكومة التحضير لمرحلة الأزمة الناتجة عن انخفاض عائدات المحروقات باتخاذ تدابير متنوعة ومن أهمها تحضير مسودة مشروع قانون المالية 2016. و المطلع على تفاصيل المسودة يلاحظ اتجاهين رئيسين للمشروع. الأول أن المواطن "المقتدر" نوعاً ما سيُصبِح أفقر مما كان عليه اذا طبقت مقترحاته حيث سيتحمل معظم الزيادات الجبائية التي تأتي في شكل كوكتيل من الضرائب. الركيزة الثانية للمشروع هي تراجع النفقة العمومية في التجهيزات و البنى التحتية مما سيؤثر مباشرة عَلى المقاولين و الممولين الذين كانوا محركاً رئيساً في عجلة الإقتصاد المحلي من خلال المناولة للبنائين، الحرفيين و الناقلين الخ.

تقترح مسودة المشروع عدم رفع سعر الوقود و الكهرباء بشكل مباشر حفاظاً على السلم الإجتماعي و لكن بطريقة غير مباشرة تصل إلى نفس النتيجة عن طريق رفع ضريبة الإستهلاك على نفس المنتوجات فوق سقف حد أدنى للإستعمال. يقترح المشروع كذلك رفع الضريبة على المازوت من غير تغيير "السعر" المرجعي وكذلك رفع الضريبة على سيارات الديزل و المكالمات الهاتفية النقالة و التعريفة الجمركية على المواد الإلكترونية و الفواكه المستوردة و هذا كله سيؤخذ من جيب المواطن الميسور الذي بمقدوره مبدئيا اقتناء هذه المنتوجات. 

يعرف الكل أن الإقتصاد الجزائري الداخلي يعتمد كلياً على المشاريع التي تطلقها و تمولها الدولة و أن أي تراجع فيها سيؤثر سلباً على مداخيل شرائح عريضة من المجتمع من مقاولين، مناولين، حرفيين وتجار مما يعني تدني قدرة انفاق نفس الفئات مما سينتج عنه ركود على نطاق واسع. 

كنا نأمل أن يكون برنامج الحكومة أكثر جدية من هاته المسودة التي تبنت مقترحات لا تصلح لبناء اقتصاد صلب و لكن ما هي إلا حلول ظرفية تحلب جيوب المواطن لتدعيم خزينة الدولة. 

كان الأجدر أولاً استثمار احتياطي الصرف في مشاريع تعود بفوائد أضخم مما نحصل عليه من سندات الحكومة الأمريكية أين تقبع أموالنا. ثانياً ترشيد النفقات التي لا تعود بأي فائدة على المواطن مثل مسح ديون الدول الإفريقية و الأمثلة الأخرى كثيرة أو على الأقل تأجيلها إلى حين يتعافى الإقتصاد الوطني.