نزولاً على طلب أخي سيد حسن جامع وقد طلب مني في تعليق له على المنشور السابق مقارنة بين كتاب شرح بن رسلان لسنن ابي داود وشرح عون المعبود وشرح بذل المجهود وكنت في منشور سابق نشرت مقارنة بين عون المعبود وبذل المجهود وأنا اكتفي بما هناك واكتب هنا عن شرح ابن رسلان فقط وبالله التوفيق .
اسم الكتاب : شرح سنن أبي داود لابن رسلان .
مؤلفه أحمد بن حسين بن علي بن يوسف بن علي بن أرسلان، قال السخاوي: "بالهمزة كما بخطه، وقد تحذف في الأكثر، بل هو الذي على الألسن"
وهو شافعي المذهب ( وكم أحب الشافعية ) ولا كن كما قيل :
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت ** فوصيتي للناس أن يتحنبلوا ( وذلك كما لا يخفى على العارفين انه في الاعتقاد ) وسأكتب منشور قريباً ان شاء الله يثبت ان هذا البيت في المعتقد وليس في الفقه كما حمله الناس .
وأما بالنسبة لمعتقد المؤلف ومنهجه الذي سار عليه في هذا الكتاب في العقيدة فهو كغيره من غالب الشراح ؛ جرى على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات.
وهو في مقابل ما ذكر من عقيدته يتصدى للمعتزلة بالرد؛ لأنه معروف أن بدعة الأشاعرة في كثيرٍ من أبواب الدين أخف من بدعة المعتزلة، فهو يتصدى للمعتزلة بالرد فنقل عن الزمخشري نفيه رؤية الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة، ثم رد عليه، وبيّن أن هذا مذهب المعتزلة، وأن مذهب أهل السنة في هذا أن الله -سبحانه وتعالى- يرى يوم القيامة.
وشرح ابن رسلان حافل مشحون بالفوائد لا سيما ما يتعلق بالفقه وأصوله وقواعده، فهو شرح فيه شيء من التوسع.
يُعنى مؤلفه ببيان اختلاف النسخ والروايات، حيث إن سنن أبي داود له روايات، كما أن للصحيحين روايات، رواية اللؤلؤي، ورواية ابن داسة، ورواية ابن العبد، وغيرها من الروايات، خمس أو ست روايات، فيعنى ببيان اختلاف النسخ المتداولة، والروايات المعروفة المشهورة، وينقل عمن تقدمه ومن عاصره، سواء كانت أقوالهم مدونة، أو ينقلها مشافهةً عنهم، وهو أيضاً ينقد ويمحص ما ينقله ويتتبع، ويخرج الأحاديث المشروحة من الكتب المشهورة.
يبين درجات الأحاديث من صحة أو حسن أو ضعف باجتهاده أيضاً وبتقليد غيره كثيراً، ويعنى بالصناعة الحديثية إلا أن قدمه في الحديث ليست في الرسوخ مثل قدمه في الفقه، فهو من فقهاء الشافعية، يرجح في الغالب مذهب الشافعية، لكنه في الحديث أقل من ذلك، يعرف الرجال ويبين أحوالهم .
يُعنى بفقه الحديث والاستنباط، ولعل هذا هو جلّ قصد المؤلف، لتمكّن المؤلف من علم الفقه، وطبيعة الكتاب المشروح، حيث إن الكتاب المشروح أقرب ما يكون إلى الأدلة، أدلة الفقهاء.
يهتم أيضاً بالمباحث اللغوية، فيشرح الألفاظ والعبارات التي تحتاج إلى بيانٍ وإيضاح معتمداً في ذلك على كتب اللغة وغريب الحديث، ويضبط الكلمات التي تحتاج إلى ضبط، وقد يشير إلى الخلاف في الضبط، وهو أيضاً يهتم بالجوانب الصرفية للكلمات، ويعرب ما يحتاج إلى إعراب، وقد يذكر الخلاف في إعراب الكلمة واشتقاقها، ويُعنى بالجوانب البلاغية.
والكتاب نفيس ومفيد لقلة الشروح الكاملة بالنسبة للسنن.
ومما يمتاز به هذا الشرح عن غيره من شروح السنن اعتناؤه باختلاف نسخ السنن، واختلاف ألفاظ الحديث حسب النسخ؛ حيث إنه يجمع هذا الاختلاف في مكان واحد وهذا لا شك أن له فائدة كبيرة في فقه الحديث.
منهج المؤلف في الكتاب:
أنه يذكر تبويبات الإمام أبي داود في السنن.
ثم يبدأ الشرح بالكلام على إسناد الحديث؛ فيترجم للرواة ويبيِّن أحوالهم جرحاً وتعديلاً، وربما ذكر بعض اللطائف الإسنادية.
ثم ينتقل للمتن، فيسوق متن الحديث مع بيان اختلاف ألفاظ الحديث تبعاً لاختلاف نسخ سنن أبي داود، ويبيِّن ما هو الراجح من هذه الألفاظ.
يعتني بضبط الكلمات، ويذكر الأوجه الإعرابية فيها، ويشرح الغريب.
يتكلم على الحديث من الناحية الفقهية، ويذكر أقوال أهل العلم في المسألة التي دلَّ عليها الحديث، مع بيان الراجح من هذه الأقوال، وهو في الغالب يميل إلى ترجيح مذهبه الشافعي.
ربما تعقب على بعض الشراح، وبيَّن الصواب
والكتاب مطبوع في 20 مجلدة
قالوا عن الكتاب
قال السخاوي رحمه الله : وله تصانيف نافعة: .. كشرحه لسنن أبي داود..
فال الشيخ ذياب بن سعد الغامدي
فشرح ابن أرسلان: يعتبر من أقدم الشروح الشاملة التي وصلتنا، حيث شمل شرحه مجموع أسانيد ومتون كتاب "سنن أبي داود"!
ومما يميزه عن غيره اعتناؤه بالخلافات الفقهية، واختلاف النسخ، وبيان درجة الحديث، وكذا اعتناؤه باللغة والبلاغة ونحو ذلك من مهمات شروح الأحاديث.
ومع هذا فهو شرح متوسط، بل هو للاختصار أقرب منه بالشرح الطويل!
ومما يؤخذ عليه رحمه الله: اضطرابه في كثير من مسائل العقيدة، حيث ركن إلى منهج الأشعرية في كثير من تأويلاتهم الكلامية!
ومع هذا فشرحه لا يستغني عنه طالب العلم، حيث حوى كثيرا من الفوائد العلمية، والنوادر الحديثية الشيء الذي قد لا تجدها عند غيره، والله تعالى أعلم.
دمتم في طاعة الله وأمنه
وكتب
أبو مسلم الصيودي الأثري
حمدي حامد محمود الصيد
حامداً ومصلياً لله رب العالمين
#الصيودي حمدي حامد