في البداية اعتذر عن اثنتين .
الأولى عن طول المنشور .
والثانية عن تطفلي حيث أقدمت على الكتابة عن كتاب لأحد أساطين الأدب وهو كتاب الذكريات للشيخ علي الطنطاوي بكلماتي الركيكة التي لا تكاد تتماسك .
وابدأ معكم من حيث انتهى اديب الفقهاء وفقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله حيث يقول في آخر الجزء الثامن من كتاب الذكريات :
(( لما شرعت أكتب هذه الذكريات ما كنتُ أقدّر أن تبلغ أربعاً وعشرين حلقة، فوفّق الله حتى صارت مئتين وأربعين، وما استنفدت كل ما عندي، ولا أفرغت كل ما في ذهني، فقد جاءت على نمط عجيب، ما سرت فيها على الطريق المعروف، ولا اتبعت فيها الأسلوب المألوف، فلم تجئ مرتّبة مع السنين، ولا مقسمة تقسيم الأحداث والوقائع، وما كانت تستقيم دائماً على الجادة، بل تذهب يميناً وتذهب شمالاً؛ أبدأ الحديث فلا أتمّه، وأشرع في آخر فلا أستكمله، وما أدري كيف احتمل القراء هذا كله مني؟! وكنت أفارقكم كل خميس على أن ألقاكم في الخميس الذي بعده، ولكن فراق اليوم إلى غير لقاء))
قلت انا حمدي الصيودي
صدق في كل ما وصف فهو ادرى بذكرياته لاكن قوله ( ما ادري كيف احتمل القراء هذا كله... ) فلم يوفق فيه فأنا احد القراء الداخلين في هذا الكلام وعنهم أتحدث إن سمحوا لي فهي والله متعة القراءة وحب الاطلاع وكثرة الفوائد تاتيك عفواً بقلم سيال وأسلوب رصين .
كتاب الذكريات : صب الشيخ رحمه الله تعالى فيه علماً كثيراً في جميع الفنون وتكلم فيه عن كل شيء فتجده رحمه الله مرة يتكلم عن الدراسة ويعالج مشاكلها وينقد ما يجد فيها من عيوب وقصور ’ وتراه يدندن حول الاوضاع السياسية ويظهر عوارها وعيوبها وخبثها ويعرفك برجال التعليم وقتها, المخلص منهم والمنافق لا يحابي ولا يجامل .
يعرفك برجال السياسة المخلص لبلده ولوطنه ولدينه والخائن منهم والعميل دون حيف او تزييف للحقائق .
يدخل معك البلد فيصفه لك كأنك تمشي في شوارعه و تسلك طرقه وتسكن في ابنيته وتركب في مواصلاته وتعيش مع اهله , يحدثك عن خصائصة الزراعية والصناعية وعن طرق المعيشة فيه وعن اكلاته الشعبية وعن تاريخه وما يتعلق به من قريب او بعيد باختصار شديد جداً .
تكلم عن القضاء حين دخل في سلكه وخبر عيوبه وعرف طرقه وأنواعه ودرجاته حتى يعطيك فكرة عامة عنه كانك تعيش معه في هذه المرحلة .
اذا دخل المشفى (المستشفى ) حدثك عن الطب والأطباء وما يتعلق بذلك وحدثك عن رجال الطب المخلص منهم لمهنته والجشع الذي لا هم له إلا جمع المال وتكديسه .
اذا دخل دار طبع او دار للصحافة حدثك عن رجال الإعلام وعن أحداث تلك الأماكن وما يجري فيها فترى العجب العجاب من تلفيق وتزوير أو نصح وإرشاد .
اما الخطابة والكتابة والوعظ والإرشاد والتوجيه فله في ذلك القدح المعلى .
واذا تكلم عن الأدب وحرفته فيتكلم بلسان طلق ويكتب بقلم سيال لا يكاد يكل ولا يمل لان هذه حرفته الحقيقية .
تكلم في هذه الذكريات بكل صراحة وان كان قد هضم حق نفسه ولم يعطها نصف ما تستحق .
هذه الذكريات فيها كثير من التجارب في شتى المجالات .
تجارب في القضاء والحكم والمحاكم .
تجارب في الحياة السياسية والمظاهرات ضد الاستعمار والظلم .
تجارب في الحياه العائلية والزوجية وتربية الاطفال .
تجارب في الحياة الاجتماعية ومعاملة الناس.
تجارب في التعليم والدراسة والمدارس والمعاهد والجامعات .
تجارب في السفر والسياحة.
تجارب في العشرة والصديق والصداقة .
تجارب في الأعلام والإذاعة ودور النشر والطباعة .
صدقاً اقول تجد في ذكرياته رحمه الله كثيراً من العلوم في كل فن من الفنون اذكر لك منها :
الفقه والحديث والتفسير والعقيدة والسيرة والتاريخ والجغرافيا والفن النزيه والسياسة والقضاء والفتيا والشعر والأدب واللغة والنحو والصرف والزهد والرقائق والمواعظ والخطب والهندسة والطب والفلسفة والمنطق وفي غيرها من الفنون والعلوم تجد في ذكرياته من كل فن طرف ان طالعت الكتاب عثرت على ما ذكرت لك وعلى غيره مما لم اذكره وليس الخبر كالمعاينة .
وفي النهاية اقول
هذا كتاب انصح به
دمتم في طاعة الله وامنه
#الصيودي حمدي حامد