يصحو في المساء يدرك أنه على قيد الحياة ثم يذهب بحثاً عن طعام أو ما تبقى من غداء اليوم يأكل ما تيسر دون اتباع لنظام غذائي معين ثم يخرج بحثاً عن أي شيء ينسيه أنه لم يتحرك من مكانه منذ سنوات ، يتسخط دائما ويشكو من الظروف ، أهلي وضعي ، مكاني ، قبيلتي ، قلة مالي وحيلتي، انشغالي ( رغم فضاوته! ) ويضع حججاً ودفاعات نفسية كي لا يواجه نقصاً يعاني منه على محمل الجد !
قد يكون بطل قصتنا قريباً لواقع الكثيرين ممن يعيشون معنا في هذا العالم وقد تتفاوت الأعذار والأوضاع فمهما اختلفنا لابد من وجود حاجة عند كل شخص يفشل في الحصول عليها أو اكتسابها حينها تصطدم فكرتين متضادتين في رأسه الأولى رغبته فيما يريد اكتسابه ، والثانية عدم قدرته على الحصول عليه، ولينهي هذا الصراع يتجه لأقرب حل خارجي مريح و متوفر دائماً، فيقول لنفسه :
الخلل ليس فيَّ بل بالمجتمع ، بوضعي المادي ، بزميل العمل ، بهذه اللغة المعقدة صعبة التعلم بالمكان أو بالزمان .. إلخ .
على اختلاف ما نريد ونسعى للحصول عليه أو اكتسابه إلا أننا جميعاً نتفق على حل جذري يريح تأنيب الضمير عندما نفشل وهو تبرير هذا الفشل وهذا التبرير هو ما يبقينا على حالنا لسنوات سواء معرفياً أو مادياً أو مجتمعياً وهنا تكمن مشكلات جماعات كثيرة من البشر عندما يندبون حظهم ويقولون : لماذا لا يتطور المجتمع أو البلد الذي نعيش فيه ؟
أولست جزءً من هذا المجتمع الذي تنتقده! وبالمناسبة أعتقد أنه في تصور البعض (المجتمع) عبارة عن مخلوق آخر لا يعرفونه ولكنه هو المسؤول في الوقت نفسه عن كل العقبات التي خلقوها لأنفسهم فيلقون عليه السباب ويلعنونه لأنه لا يمنحهم التغيير الذي يريدونه في حياتهم على طبق من ذهب!
المجتمع هو أنت وجارك وأخيك وصديقك وصاحب البقالة وإمام المسجد والطالب في المدرسة وبائع المناديل على الرصيف ، نحن جميعنا من نمثل هذا المجتمع الذي لا يعجبك كيف لنا أن نتقدم ومن يمثلون هذا المجتمع يمارسون التبرير وإيجاد أعذار خارجة عن إرادتهم لتبرير فشلهم بشكل يومي !
تريد ان تتغير أن تحصل على شهادة أو خبرة أو عمل او مردود مالي إضافي أن تكتسب مهارة او لغة معينة أن تتقن حرفة أو تحقق حلم ؟
استيقظ هذه هي الخطوة الأولى استيقظ !انسى دفاعاتك النفسية وأعذارك وكل التراهات التي ترددها على نفسك وعلى المحيطين بك عندما يسألك احدهم : لماذا لا تتغير ؟
وعندما تصل لقناعة تعيش على أساسها ولا تقبل أن تتنازل عنها مفادها أن الدنيا أو أي أحد كان لن يسعى ولو لخطوة واحدة ليجعل من حياتك أو منك شخصاً أفضل وأن المسؤول الوحيد عن حياتك ومدى نجاحك وفشلك هو أنت وحدك فقط ، هنا أستطيع أن أقول لك أنك تخطيت أولى عقباتك التي صنعتها بنفسك والتي تجعل الكثير من البشر لا يحركون ساكناً لسنوات كثيرة ، ولا إرادياً عندما تتشبع بهذه القناعة ستسعى للتغير بكل ما فيك من إصرار ستبحث فعلاً عن ( الحل ) في كومة القش !
وستصدم من أن الدنيا مسخرة لمن يسعى .
نصيحة أخيرة خلال سعيك لما تريد تحقيقه ستلاحظ التغيير في نفسك وسيلاحظه أهلك وأصدقائك وكل من حولك ولن تسلم من فوج السوداويين المحبطين لذلك ابتعد عن هؤلاء البائسين وغيّر أصدقاءك العالقين في مكانهم منذ سنوات فأي شخص سيثنيك عن التقدم صدقني هو شخص لا تحتاج إليه في حياتك وبعد عدة سنوات ستدرك كم كان يجرك للخلف معه، وإن وجدت مشجعاً لك فتشبث به وشاركه إنجازاتك الصغيرة ففي مشوارك الطويل ستحتاج لشخص كهذا فالطريق ليست سهلة.
ولا أجد أصدق من قوله تعالى لأختم به
( إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم )
دمتم أقوياء .