كيف تساهم مسلسلات الحب في تدمير الشباب


ظهرت في الأونة الأخيرة ظاهرة إنتشار المسلسلات الأجنبية خصوصا التركية ، وقد كان معروف في السابق أن غالب المسلسلات العربية تصل إلى حلقات لا تتجاوز 30 حلقة أحيانا ، لكن هذه المرة الوضع مختلف جدا فقد أصبح عدد الحلقات لهذه المسلسلات الأجنبية تصل إلى أكثر من 100 حلقة بل صارت أجزاء لهذه المسلسلات ولكن حقيقة ما الذي يحدث لمن يشاهد هذه المسلسلات بكثرة ولماذا يدمن عليها الشباب والبنات ، هناك سبب من بين الأسباب الكثيرة وأهمها :


* وجود النقص في الشخص نفسه ، نقص العاطفة ونقص الاهتمام وعدم وجود الحب والحنان في حياة الشخص سواء من أهله أو الزوجة من زوجها والعكس، بحيث أنه يدمن على هذه المسلسلات لحصوله على الشيء الذي هو يفقده فتسيطر عليه تلك المسلسلات ويغرق فيها ولا يستطيع مفارقتها لأنها تتحدث عما يمر فيه ، فيجد ان هذه المسلسلات تشبع رغباته وتخيلاته التي يريد ان تتحقق ، لكن ما هي المخاطر من مشاهدتها ؟


إنني احاول ان التمس الأسباب الواقعية في حياة هؤلاء الشباب والبنات حتى أعلم المخاطر التي تحدث لهم بسبب هذه المسلسلات فوجدت أنها باب لإنحراف المجتمع المسلم وغرس حب الشهوات وتزيينها في نفوس الشباب فتكون النتيجة أن يلهث هؤلاء للبحث عن هذه القصص في الواقع ، تجد البنت تبحث عن مثل هذا الحب الذي هو السعادة كما رأته في هذا المسلسل وتجد الشاب كذلك فتكون النتيجة باب للعلاقات المحرمة، إن مخاطر مشاهدة هذه المسلسلات كثيرة ، ولكن هناك أمر خطير وهو من الأسباب التي تجعل الشباب والبنات يفشلوا في حياتهم بسبب أن مخيلتهم قد رسمت تلك المسلسلات وجعلت القلب يبحث عنها في حياته والحصول عليها ، إن تلك المسلسلات تسبب المشاكل للمتزوجين فهي تجعل الزوج يتذمر من زوجته بسبب فقدان ما وجده في هذه المسلسلات والتي قد تدفعه لإهمال زوجته ورؤيتها بشكل سلبي اذا لم يجد منها ما وجده في هذه المسلسلات ماقد يؤدي إلى الطلاق.


إن تلك المسلسلات تروج لقصص قد تكون قصص حب في الحرام والزناء والفواحش والتي تمهد لجعل المجتمعات المسلمة أن تتقبل قصص الحب والعشق والعلاقات المحرمة والتي يكون غالب تلك المجتمعات من الشباب والبنات ، إن تلك المسلسلات تدمر القيم في نفوس الشباب والبنات وتصور لهم فعل الحرام في سبيل الحب وإخراجه بشكل جذاب يلفت الإنتباه وصدق ربنا اذ قال { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما }.


إن الحالات التي تحدث وتنتشر بشكل عام من سلوكيات ومظاهر  سيئة وأفعال مدمرة إنما ذلك يعود لفقدان القيم وعدم وجود المبادئ لدى الشخص نفسه ، إن ذلك الشاب وتلك الفتاة نستطيع من خلال التوعية والنصائح المستمرة أن نجعل منهم أفراد ينتجوا في المجتمع وأن يظهر منهم الإبداع بحيث يعود نفعه إلى المجتمع كافة ، إن الإنسان قد أرشده ربنا إلى طريق الخير وحذره من طريق الشر ، وإن تلك الفتاة والشباب اذا نشأوا على هذه المسلسلات فلن يستطيعوا تربية أبناءهم مستقبلا ولا ان يصنعوا منهم رجالا يخدموا دينهم ويسعوا في إصلاح مجتمعهم وإيجاد الحلول لكل مشكلة تواجههم في المستقبل وفيه إهدار للوقت والذي هو رأس مال المسلم والذي فيه إضاعة للمواهب والإبداعات والغرق في ظلمات الضياع.


* مفهوم إصلاح المجتمع من القرآن والسنة النبوية


 إنه ولا شك أن ربنا قد أرسل الرسل وأمرهم بتبليغ شريعته سبحانه ، والتي فيها صلاح المجتمع والتي تحتوي على ضوابط سليمة للأفعال والأقوال والنبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا كل ما ينفعنا حتى قيل لسلمان رضي الله : ( قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة قال فقال أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم )
إن إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح أفراده وإن إصلاح المجتمع يحتاج منا همة عالية في مكافحة كل الأسباب التي تؤدي إلى إنهياره ، فقد قال ربنا سبحانه وتعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )


وقد جاء عن عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا "رواه البخاري


قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي : ( يعني : أن السفينة مكونة من طابقين وكل طائفة سكنت في طابق , فكان الذين في الطابق الأسفل إذا أرادوا أن يستقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ونأخذ منه الماء ولم نؤذ من فوقنا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فإن هم أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا , وإن هم تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا) أي : إذا تركوهم يخرقون دخل الماء فغرق أهل الدور الأول وأهل الدور الثاني , وإذا أخذوا على أيديهم ومنعوهم سلموا وسلم الجميع , فكذلك من يفعل المنكرات والمعاصي , إذا أخذ الناس على يديه ومنعوه سلموا من العقوبات , وإذا سكتوا جاءت العقوبات وعمت الصالح والطالح )
[ المصدر : منحة الملك الجليل شرح صحيح محمد بن إسماعيل , الراجحي (13/100-101) ]


كتبه : محمد النجاري