كتب / أحمد الشيخ
الدكتور خالد جمال السويدي هو المحارب الشجاع الذي يأبى أن ينحني أمام الصعاب
رفض أن يختار الطريق السهل، وقرر أن يسلك الطريق الصعب، خاض تحديات كبيرة ربما رآها البعض مستحيلة، نجح في أن يغير مجرى حياته تماماً، لم يستسلم أبداً ونجح في قهر المستحيل. إنه الدكتور خالد جمال السويدي، المدير التنفيذي في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، هذا الإنسان الذي رفض أن يقف أي شيئ يقف في طريق طموحاته، وقرر أنه لا مستحيل طالما كانت هناك عزيمة قوية وإرادة صلبة.
تغيير جذري
يحمل الدكتور خالد جمال السويدي، درجة الماجستير من جامعة ويستمنستر البريطانية، ونال شهادة الدكتوراه من كينجز كولدج في لندن، وتناولت أطروحته تحليلاً نظرياً بعنوان "الهوية الوطنية في دولة الإمارات"، وألف كتاباً بعنوان "السر .. لا يوجد سر". والده هو سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، القامة العلمية والفكرية، المفكر الإماراتي الكبير الذي يثري الحياة الثقافية والبحثية في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي المنطقة العربية والعالم عبر مساهامات علمية متميزة.
شهدت حياة الدكتور خالد جمال سند السويدي تغييراً جذرياً حين قرر أن يتحدى البدانة ويتخلص منها ويتحول إلى صاحب جسم رياضي قوي، وهو تحدي كبير ربما يقف الكثيرون أمامه عاجزين، لكن الدكتور خالد لم يكن كغيره، ففي عام 2015 وصل وزنه إلى 127 كيلوجراماً وأخبره الأطباء أنه دخل مرحلة ما قبل السكري، وأن أمله الوحيد هو أن يغيّر أسلوب حياته كُلياً وأن يتبنى نمط حياة صحياً وسليماً. وقد استغرقت معركة السويدي مع البدانة عامين خسر خلالهما أكثر من 53 كيلوجراماً بفضل اتباع أفضل العادات الغذائية وممارسة التمارين الجسدية المكثفة.
أهداف جديدة
بعد نجاحه في خوض تحديه الأول مع البدانة، رزق الله الدكتور خالد جمال السويدي توأمين جميلين، وكأن الله يكافأه على إرادته الصلبة وعزيمته التي لا تلين، فقرر حينها أن يقدم لهما شيئاً يفخران به، وبعد تفكير واستناداّ إلى ما تعلمه من تجربته الناجحة ورغبة في أن يكون عضواً فاعلاً وإيجابياً في مجتمعه وأن يرد الجميل إلى وطنه، قرر أن يضع أهدافاً جديدة خارج نطاق حياته الأكاديمية والمهنية، ويكون لها تأثير كبير في مجتمعه، مدركاً أن معركته مع البدانة علمته أن المعاناة التي تواجه الإنسان أثناء خروجه من "منطقة الراحة" سوف تجعل منه شخصاً قوياً يرفض الضعف ومُحارباً شجاعاً يأبى الانحناء أمام الصعاب.
أهداف تبدو مستحيلة
اختار الدكتور خالد جمال السويدي أن يخوض تحديات صعبة وكبيرة وغير مسبوقة، ولما كان الجري بالنسبة له تجربة جسدية مزعجة خاصة أن قدميه مسطحتان (فلات فوت)، فإنه قرر أن يضع نصب عينه هدفاً كان يبدو مستحيلاً آنذاك؛ وهو الجري من الساحل الشرقي في دولة الإمارات العربية المتحدة (الفجيرة) إلى الساحل الغربي (أبوظبي)، لمسافة 327 كيلومتراً بلا توقف، وذلك في مبادرة أطلق عليها "ألتراماراثون رحمة" استهدف من خلالها تحقيق هدف إنساني نبيل، هو دعم جمعية رعاية مرضى السرطان (رحمة)، من خلال تشجيع الأفراد على التبرع لصالحها لمساعدتها على إحياء الأمل من جديد في نفوس المرضى وذويهم، بالإضافة إلى تشجيع الناس على اتباع نمط صحي سليم.
نجاح مذهل
نجح الدكتور خالد جمال السويدي نجاحاً كبيراً أذهل الكثيرين خاصة مما كانوا يظنون أنه غير جاد في خوض هذا التحدي، فقد قطع هذه المسافة الشاقة في 80 ساعة فقط، ليثبت للعالم أنه لا مستحيل طالما كانت هناك إرادة ورغبة في تحقيق الهدف، ولم يكن هذا النجاح الذي تحقق وليد الصدفة، وإنما جاء نتيجة تعب ومجهود كبيرين، فقد قام الدكتور خالد باستعدادت كبيرة، حيث ركض أكثر من 3500 كيلومتر منذ أن بدأ تجربة الركض في العشرين من أكتوبر 2017 حتى مبادرة "ألتراماراثون رحمة" في السادس من فبراير 2018، محققاً أرقاماً قياسية إماراتية، فكان أول إماراتي يركض على جبل حفيت حتى قمته صعوداً ونزولاً مرتين في يوم واحد تحت أشعة الشمس الحارقة (52 كيلومتراً). وقطع خلال ستة أيام مسافة 175 كيلومتراً على جبل حفيت (16-23 ديسمبر 2017)، كما أصبح أول إماراتي يركض من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي في دولة الإمارات، لمسافة 327 كم.
تحدي آخر غير مسبوق
بعد نجاحه في هذا التحدي الكبير لم ينتظر الدكتور خالد جمال السويدي كثيراً، حتى قرر أن يخوض تحدياً آخر، وهذه المرة كان قراره أن يجري من أبوظبي إلى مكة المكرمة ليقطع مسافة قدرها 2070 كيلومتراً في مدة قدرها 38 يوماً، وقد استهدف من هذا التحدي الذي من المؤكد أنه لم يخطر أبداً على بال أي فرد، أن يعبر عن تقديره العميق للأخُوَّة الإماراتية السعودية، وللعلاقات الوثيقة التي تجمع بين قيادتي البلدين وشعبيهما، ولدورهما النبيل في الدفاع عن الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الخليج العربي والعالم العربي ككل.
وقد انطلق الدكتور خالد جمال سند السويدي في الأول من فبراير الجاري، في "مبادرة جري أبوظبي مكة المكرمة"، من أمام مسجد الشيخ زايد في أبوظبي ليخوض غمار هذا التحدي الضخم، وليبدأ في قطع تلك المسافة التي تعادل 48 ماراثوناً متتالية، في طريقه إلى مكة المكرمة، ولا يمكن بطبيعة الحال، حصر هذا التحدي الهائل في رحلة من الركض الشاق فقط، فهو تحدي لحدود الإصرار والعزيمة؛ إذ يتطلع الدكتور خالد إلى إلهام أبناء وطنه من الشباب لترك حياة الاسترخاء والخروج من دائرة الراحة والانطلاق لخوض التحديات. وبعد 25 يوماً من الجري أصبح الدكتور خالد جمال السويدي على مسافة 263 كيلومتراً فقط من مكة المكرمة ليقترب كثيراً من تحقيق هدفه.. فتحية إلى هذا المحارب الذي نجح في أن يقهر المستحيل وأبى أن ينحني أمام الصعاب.