ما تتركه تجارب الحياة فينا من طبائع مستجدة ، تشكل الاكتساب اللا-إرادي الذي يتربع في تصورنا وما يصدر عنا في متابعات الخبرات القادمة.

المرارة، الحِلم، التروِّي، بُعد النظر، الهدوء والسكينة، أو على الضد: نفاذ الصبر، واللامبالاة ، والعناد المحمود وغير المحمود، هذه وغيرها تتسلل إلى برمجتنا النفسية لتصبح لنا سيماء في مواقفنا، وفِي ذهن من سيعرفنا أو يتعامل معنا.


وفِي تجربة الحبّ نحتك بشذوذات طبيعتنا التي تتفاعل بحرارة ، طوعا وكرها، مع تقلبات الحب فينا.

وقد سجل القدماء ، في مدونات تراثنا العربي ، هذا التغير "التهذيبي" الذي يلحق النفس خلال عيش العشق، أيا كان نوعه. بل إنهم اعتبروا أن المؤشر الواضح على أن أحدهم يعيش "حالة حب"؛ هو تلك "الرِّقة" المجانية التي يصير يتحلى بها طبعه ، و نظرة "السماحة " في التفاعل مع مجريات الحياة اليومية. ولقد وصى أحد الحكماء ملكا كان يشتكي من خمول طبع ولده الذي كان من المنتظر أن يخلفه على العرش- نصحه الحكيم أن يضع الأمير الخامل في تجربة حب! فالعشق يوقظ جمود القريحة، ويبعث في النفس رقة ستظهر رحمة في رعاية رعية مملكته.


و رقة العشق مردها لما يبري الحب بآلامه نفس العاشق حتى لتعود استجابته للمثيرات المعتادة من غيره ؛ ذات وقع مختلف معه. 

المُحِب يختار أن يكون رحبا ، مستوعبا كل آصار الحياة ، موقنا بما  هو أبعد من اللحظة الحاضرة، مشتاقا لوعد جميل يبرمه ويعيش على حلم تحققه ، إنه صبر الصبر في جوهره، واستنارة ما صفته النور وهو الحب ، واستبقاء ملِح لما يطوف سريعا وهو العشق.

أحبِب لترِقَّ 🌹