الصديق الوفي هو ذاك الذي يحملنا معه، ونحمله معنا، منذ تحسًّسنا أنفسنا. عجيب حد النور، أن نعثر على صداقة طويلة النَّفَس بقدر أيامنا الماضية والحاضرة والقادمة بإذن الله.

ككل واحد منا -وبطريقة الاعتياد الأزلية- عثرنا مرة أو قد تعثرنا بأول كتاب دخل حياتنا، ربما كان كتاب رسوم مصورة مخصصا للطفل، أو هو كتاب كببر يخص أحد أفراد الأسرة الناضجين، المهم أنه كتاب حفر في لاوعينا أنه طلسم سحري يحوي بين دفتيه سر الحياة .

ما تزال للبشر  قدرة على صناعة السحر،  ما كان للكتب وجود فيهم.

صحبتُ ، ثم فارقتُ؛ لأن الزمن غيَّر مقاديره فيني مرات عددا.

أحببتُ ، ثم رحلتُ؛ لأن ما نريده قد لا يكون خيرا لنا.

تعوّدتُّ ، ثم انتكستُ؛ لأن الألفة لا تمييز لها، فقد نألف الضر والضرار على حد سواء.

ولكني ما قرأت يوما كتابا إلا وصادقته، وأحببته، وتآلفت معه! ففي كل كتاب قدر من التحرر يفتح لي طاقة حديثة من الإدراك. 

لا يكفي أن تشعر دون أن تعي ، وما لم تتذوق فإنك لن تعرف، وإذا لم تتيقن فإنك لن تلزم. إنها قواعد السير نحو الأعالي، وهي مهارات داخلية نمارسها خلال القراءة الباصرة، ثم القراءة المستكشفة، ثم حين نصمت عن كل قصد منا لتنساب الكلمات في الباطن حكمة إشراقية. 

وفيّة لي كتبي