- هل تصدق أنهم ما زالوا يعتقدون أن صورة امرأة فاتنة على غلاف مجلة ستجعلنا - معشر الرجال- نتسابق لشرائها؟
- هههه يؤسفني ان أخبرك أنهم ما زالوا ينتصرون، ها أنت تقلب صفحات هذه المجلة من بين عدة مجلات مطروحة أمامك.
…. هكذا بدأ الحديث في صالة انتظار المستشفى، في غرفة تقع في منتصف ممر طويل، ليس لها باب، كراسي تستند على ثلاث حيطان، ورائحة المستشفى تفوح، والتي يعتقد البعض أنها رائحة المساحيق الكيماوية، أو الأجهزة الطبية الخاصة بالمستشفى، لكنها ليست كذلك، هذه رائحة المرض، رائحة الضعف الإنساني.
- إنني منذ زمن طويل وأنا اجيء لهذا المكان، لقد قرأت كل هذه الكتيبات والمجلات.. احح عفوا، اعذرني على تطفلي، منذ متى بدأت معك المشكلة؟
- عدة ليال، ليس أمرا قديما
- كان الله في عونك، إنه أمر مزعج حقا.
- نعم هو كذلك..
ترك الرجل المجلة ثم أقبل على صاحبه بوجه عليه قداسة وادعة وصوت مبحوح هامس كأنما يريد أن يخبره بعصارة تجربته:
- إنه قرار صائب أنك اتجهت للطبيب مباشرة، لا تتبع وصايا الناس ولا خلطاتهم الشعبية، نحن في عصر الميكروسكوب، أليس كذلك؟
- بلى، في الحقيقة، أخبرني الطبيب أن المسألة ليست كبيرة، حيث الموضوع يحتاج إلى قليل من التحمل، والصبر.
- نعم الصبر، هو ذاك، الصبر، لقد صدق، أنا أعرف هذا..
- ولكنني لم أعد أطيق هذا الألم بعد كل مرة انهي فيها.. (قطع حديثه صوت ارتماء المسبحة من أصابع يده التي كانت تتحرك بسرعة)
- استرح استرح أنا أحضرها لك.…آه نعم، أعرف ذلك، الألم، الألم عند تنتهي من.. (أشار بيديه كمن يقول لا داعي لذكر العبارة أنت تفهم ما أعنيه).... كم هو مؤذ ومزعج، آمل أن زوجتك تساعدك في تجاوز المشكلة!
- حسنا.. إنها تبدي تعاطفها أحيانا، وأرى في عينيها انزعاج بسبب مزاجي السيئ، في الليل، أنت تعرف، لا يجعلني مرتاحا، يفسد العملية، هل فهم...
- نعم نعم نعم إنني أفهم كل ما تقصد، أنا افهمك من نظراتك، لا يحتاج أن توضح كل شي، أعلم أنه موضوع مخجل ولكننا رجال في نهاية الأمر، نحن نستطيع مناقشة أمورنا، أخبرني بصراحة، هل هو صغير أم كبير؟
- صغير.. هل تريد أن تراه؟
- هههه لقد اعتدت أن أصدّق الآخرين، وليس هذا هو الوقت المناسب لأن أغير عادتي، حسنا، الخبر الجيد الذي أقدمه لك، هو أن الصغير أسهل في العلاج.
- أفترض أنك تعاني بسبب أنه الكبير؟
- نعم (أجاب الرجل وهو يغمز) هو ضخم نسبيا، وهذه سبب معاناتي.
- لا تبالغ، إنك لا تبدو كرونالدينهو.
- لم أفهم.. من هو رونالدينهو هذا
- انسى الأمر
- أظن أنني مصاب بالعين، كنت دائما أتحدى أصحابي بأنني أملك الأكبر
- يا إلهي من يفتخر بشيء كهذا!! دعني أراه إذا تكرمت..
- ماذا؟
… خيم الصمت، صمت متوتر، وغموض غريب، ثمة شئ خاطئ يحدث، وراح ينظر كل منهما إلى اللوحة المعلقة على الجدار أمامهم، قطعة خشبية كتب عليها بواسطة خيوط الصوف بلون بني محروق (وإذا مرضت فهو يشفين) بخط الثلث، وذيلت اللوحة بعبارة طويلة غير متناسقة مع اللوحة تقول (أسرة الزبير بن العوام- مركز نماء الصيفي 1423)، كان كل منهما يقلب في يده ورقة مطبوعة بخط الكتروني يشبه رموز الهكر، تظهر فيه بيانات المريض وموعد مراجعة الطبيب وباقي التفاصيل في تلك الورقة الرسمية.
- يبدو أنك ستدخل بعدي
- موعدك في أي ساعة؟
- أنا في 3:30
- هل أنت متأكد؟
- نعم، بقى خمس دقائق الان
- لكن موعدي أيضا في تمام 3:30
- لا يمكن أن نكون في موعد واحد!!!
- نعم لا يمكن
- ثمة خطأ ما
- نعم ثمة خطأ
.. ساد الوجوم مرة أخرى
عندما حان الموعد، نظر كل منهما للاخر، كأنما ينتظر من صاحبه إيجاد حلّ، لكنهما اتفقا ضمنيا وعبر تبادل النظرات أن يدعا الأمر يسير ليكشف نفسه.
قاما واقفين بطريقة بطيئة حذرة تشبه أن تقوم وبين ذراعيك رضيع نائم، خرجا من الغرفة، ذهب الرجل الذي قرأ كل المجلات يمينا مع الممر، حيث تشير اللوحات إلى قسم المسالك البولية حيث لديه مشكلة في عضوه الذكري، بينما ذهب الآخر يسارا حيث حجرة طبيب الأسنان.