حل المساء، ومساءات الجمعة في أمريكا تأتي دائماً غير، ألم تسمعوا عن جدة غير ؟ كنت أنتظر بفارغ الصبر رؤية أصدقائي القادمين من ولايات مختلفة. نزلت إلى بهو الفندق الساعة السادسة مساء لألقى نظرة على معارض يوم المهنة. كانت الأجواء في بهو الفندق حميمة جداً إلى درجة تشعرك بأنك كنت تعيش فصولاً من (الهوم سيك) لم تكتشفه إلا اليوم ولم تشفى منه إلا اللحظة. الجميع يتفرّس وجوه بعضهم البعض كعادة قديمة لازالت تطاردهم إلا أن أمريكا جعلت هذه النظرة أكثر أناقة ولطافة. الجلسات، الكافيهات، والممرات، كلها معمورة بأصناف السعوديين. وأصناف هنا كلمة تحمل في أحشائها كلام كبير وكثير والسبب أنه أصبح لدينا أصنافاً إضافية غير التي قدمت من المملكة أول مرة. كصنف السلسال والخلخال والأمعة، وأشياء أخر متشابهات. في غمرة هذه اللحظات قدم عبدالعزيز ورآني أنظر إلى خلخال في ساق شاب وهو يقول “ This is beach Style YO !”  يضحك ثم يغاددرني وكأنه يراني على (ديتونا بيتش). 
قدم أصحابي الذين انتظرتهم طويلاً، يتوشح الفرح وجوههم، وكأن المكان ملأ صدورهم بهجة بعد أن ملائتها الغربة وحشة. الأشخاص في الغربة يشيخون بسرعة ربما لأنهم يدفعون الشباب مقابل العيش بلا وطن. رأيت الشيب لاح في عوارضهم ورؤوسهم وكأن رؤوس المغتربين وجبة الشيب المفضلة. للقهوة مذاق آخر بوجودهم، وللحديث متعة لاتضاهى معهم. كان صديقي ابراهيم يلتفت كثيراً وفي جوفه كلام وبمجرد أن القيت النظر تجاهه بادرني بصوت منخفض قائلاً: ” – ياولد وشذا ربعنا متغيرين .. هذا وهم ماساقوا !”  ضحك جميع من كان في الجلسة رغم اعتقاده أنه كان يخصني بالحديث. بادره مشاري بالرد: ” – من جد عاد فيه بنات كأنهم في عرض أزياء، وهاه ياشباب أنا أقول بعضهم لايقول واحد أنت متخلف! بس ياخي عندي لكم سؤال ليش الملحقية ماتبعث ألا الشينات ؟! ” كان جميع من في الجلسة يؤمن بأن كل شخص له رأيه وله الحق في التعبير عن الذي يراه بالشكل المناسب. طارق لايحب المعارضة إلا أنه ود التداخل مع مشاري والذي يختلف كثيراً معه في طريقة التفكير. ابتدأ قائلاً: ” – الحين ماتدري من اللي يبعث وزارة التعليم والا الملحقية ومسوي عندك وجهة نظر في الزين والشين ؟! ” تلاها بضحكة ضحك الجميع من أجلها وحصل الهدف من المداخلة وهو الضحك على مشاري. 
امتد الحديث قليلاً، إلا أن يوم غد السبت هو اليوم الموعود، وشاهد ومشهود. غادر الجميع بعد ليلة ماتعة إلى غرفهم للنوم والإستيقاظ مبكراً للحفل ويوم المهنة بعده. جلست قليلاً بعد مغادرتهم حيث تفاجأت بفهد يعود وتبدو على وجهه علامة الدهشة. جلس قريباً مني ثم قال” خويي في الغرفة جاي هو واخوه ومعاهم قوارير ويقول لي (!Hey feel free)  ويأشر على الكرتون، الحين كيف أنام ” ضحكت بجنون وكأن مسلسل الضحك لايكاد ينتهي في (قيلورد هوتيل). بعدها دلف فهد إلى مخدعه تتخطفه الأفكار كيف ستمر الليلة، وكيف يكون النوم إلى جانب هذا الشخص. أما أنا فبقيت قليلاً حتى رأيت الفندق الذي لاينام قرر أن ينام فخلدت للنوم. 
الكثير من السعوديين لايحب القراءة وأنا هنا قررت أن أتوقف عند هذا الحد حتى لا أشق على حضراتهم الكريمة بكلام ربما لايعجبهم فتجتمع مضيعة الوقت ومشقة القراءة، على أمل أن أعاودكم بالبقية قريباً!