كم من طفل داخلنا يريد أن يتحرر؟ إننا - وكما عادتنا في خلق الأعذار- أعطينا لقدرتنا ، واعية أو غير واعية، السيطرة على أن تكبِّل الطفل فينا منذ سنواته المبكرة .
في كل طفولة، ربطنا بين ذنب أو خطأ أو عيب - حقيقيا أو متخيلا ، مقصودا أو غير مقصود، جسديا أو معنويا - وكوننا طفل تلك المرحلة. بل وأكثر من ذلك، أنه كلما ساء بِنَا أو/لنا أمرٌ في حاضرنا اليومي ، أرجعناه لذلك "الطفل" وألقينا عليه بالعلة ليتحملها وحده بكل العذاب والصعوبة والألم، وكأن لسان حالنا يقول: لو لم أكن ذاك الطفل بالأمس، لكنتُ أفضل اليوم .. وفِي الغد أيضا!
لكن "طفل الماضي" لا يهدأ، إنه يزداد خوفا مع الأيام ، ومع خوفه المتراكم تتعقد ملامح صورتنا عن أنفسنا ويعلوها ضباب كثيف.
إننا لن نكبر ما دمنا مستمرين في إلقاء اللوم، فعلامة النضج تبدأ باتخاذ القرار نحو تحمل المسؤولية تجاه ما حصل عبر عمرنا الممتد حتى الآن. وحين نخبر الطفل القديم داخلنا أننا قد قبلناه كما هي ؛ بقصوره، وعيوبه، ومتغيراته المزاجية ، فإنه سيتحرر من فيود لحظته، وحينها يطلقنا كي نعيش بكفاءة وفرح أيامنا الحالية والقادمة.
حين تحرر زمنك الماضي من عثراته ، ستطلق زمنك الآتي من تبعات هذه العثرات، أو حتى من تكرارها.. هكذا ، ربما، نتحايل على استبداد الزمان بِنَا.