إن عقلنا مولع باشتقاق المواقيت! نعم، إنها المواقيت الزمانية . فعندما نعوّد العقل على أداء فعل إبداعي في وقت محدد كل يوم ، كالكتابة اليومية أو الرسم السريع أو ما يسير مسارهما ابتكاريا ، فإن العقل -وبدون تدخل منا- يتهيأ ويستحضر ذاته في الوقت المعهود لأداء وظيفته التي ألفها، حتى إنه ليرغمنا عليها بمظاهر القلق والتوتر والأرق والانفعالية، فيما لو تراخينا في أدائها.
في الحقيقة، فإن العقل لا يحفل بالعد في زمننا، فساعاتنا ودقائقنا وكل ما اخترعناه من وحدات الزمن، هي خيالنا نحن مع ذاك الثقل الملزم المسمى الوقت. فالعقل يخترع "توقيته" الخاص به،إنها شفرته بينه وبين قواه ومناطقه، لذا ربما كان من الأدق عند التعبير عن موقتات العقل ؛ أن نقول "مناسباته": إنها الظروف التي يحتفظ لها العقل بكليتها( زمنا، عواطف،عمليات ذهنية)، ثم يعيد استدعائها إذا ما أراد خلق المناسبة مرة أخرى، والمناسبة المقصودة هنا هي "فعل الإبداع".
إراداتنا تشكل أفعالنا، ولكن ما يحوّل هذه الأفعال إلى عادات ؛ هو العقل.