الثقافة التي تستخدم الادوات والثقافة التكنوقراطية و الثقافة التكنوبوليه
يتصور نيل بوستمان الناقد الثقافي والمنظر لوسائل الاتصال ورئيس ادارة علم الاتصالات في جامعة نيويورك في كتابه بعنوان "استسلام الثقافة للتقنية" ان تطور التقنية تلغي حاكمية الثقافة, معتبرا ذلك تهديدا مباشرا للحضارة الغربية بشكل رئيسي..بينما يرى ان التقنية قد خففت من اعباء الحياة اليومية الا انها اصبحت تشكل تهديدا صريحا للكيفية التي من خلالها تتم صياغة الكلمات واعادة تحديد معاتيها ومدلولاتها, فمصطلحات مثل "المعلومات" و "الذكاء" و" الرأي العام" و "الحكمة" كل هذه المصطلحات اصبحت لها معاني مختلفة على ضوء التطورات التقنية للقرن المنصرم بخلاف ما كانت تعني في تاريخنا البشري..
بوستمان حدد ثلاثة انواع من الثقافات, الثقافة التي تستخدم الادوات والثقافة التكنوقراطية و الثقافة التكنوبوليه..ويعتقد انه في الثقافة الادواتية يكون الايمان هو المحرك والمحفز للابتكارات, وفي النكنوقراط تصبح الرمزية بشكل متزايد خاضعة لتطور الالة والادوات.
ويشرح انه مع اختراعات مثل الساعة الالية والتلسكوب بدأت التقنية بتدمير العرف والتقاليد العالمية وذلك بخلاف ما كان يجاهد من اجله المخترغون..
وفي الثقافة التكنوبولية تكون الاهداف والغايات البشرية العملية والفكرية هي الكفائة, وقد تفوقت اله الحاسبة والحاسبات على العقل البشري واعتبرت الذاتية معوقا للوصول للتفكير الواضح والعقلاني..
والذاتية تعني تقويم الأمور أو الظواهر أو الأحداث أو الأشخاص ... تقويماً متأثراً بذات الباحث، وبما تنطوى عليه من ميول وعواطف وتعصب مما يحول دون اكتشاف الحقائق المجردة، أو رؤيتها بوضوح.
والسؤال متى نتخلص من التفكير التحيزي الذاتي ونتجه الى التفكير الموضوعي البعيد عن سخط الذاتية ووهم ما يدور في ذواتنا التي هي ليست الا مجرد نسخ مكررة لأسلافنا الذين بدورهم تعهدوا بترديد وتكرار معارف ومفاهيم اكتسبوها بالوراثة من اسلافهم وستبقى تقود تفكيرنا ونحن بدورنا سوف نسكبها لاطفالنا وهكذا تضل شحنة الذاتية سارية المفعول من جيل الى اخر دون تجديد وتطوير بل والادهى ان مجموعة من امراضنا النفسية والجسدية ستلاحقنا جيل بعد اخر والمأساة انها ستدمر الاقل حظا وستبقية متعثرا وبائسا وربما مشردا الى حين.؟
سالم موسى