وجدت في هذه المنصة المكان الأفضل للحديث عن شيء بات يواجهني بشكل شبه يومي حتى تخيل لي في لحظة بأنها باتت موضة العصر؛ إنه الحسد. من المعروف عن الشعوب العربية حبها للمبالغة و الاستطراد في شتى جوانب الحياة دعوني أسمها بحب الأضواء و أن يكونوا محط إلاهتمام . فتجد بأن أحدهم يتملكه شعور الخوف من شخص دائم الترصد له؛ فيشعر بأنه سوف يواجه فشلا ذريعا في أمر ما بسبب حسد الناس له أو أنه لن يحالفه الحظ في شأن من شؤون حياته لذات السبب، أو بادعائه بأن هنالك ما يطلق عليهم مسمى " أبراج المراقبة" تترثده على مواقع التواصل الاجتماعي
لقد بات هذا الشيء مزعجًا حد الاشمئزاز. أن تنسب كل الأقدار التي يسوقها لك الله سبحانه وتعالى بحلوها و مرها على أنها من صنع إنسان شأنه شأنك على هذه الأرض و أفعاله و أرائه لا تسمن و لا تغني من جوع و تجعلها المسيرة لخريطة حياتك ما هو إلا ضرب من الجنون. مع التحفظ على تعبير الأقدار الحلوة والمرة؛ فالله عزوجل لا يقدر شيء لإنسان إلا لأنه يختار الأفضل دائمآ له.
لا أنفي وجود السحر أو الحسد في ديننا الإسلامي، فلطالما سمعنا في دروس التربية الإسلامية عن أثر الاستعانة على قضاء حوائجنا بالكتمان، حتى إن تحققت فرحنا وإن لم يرد الله لها أن تحقق لم نلق شماتة الآخرين. لكن، أن تلق بفشلك الذريع على الحسد و ما إلى ذلك يعني بأنك قد غيبت شخصيتك المستقلة و حذفت من قاموسك كلمة التواضع و تكون قد خسرت للأسف خصلة القناعة و سمة التفكير بموضوعية و التوكل على الله سبحانه و تعالى.
سأضرب لكم بعض الأمثلة على بعض المواقف التي سمعتها و نسب السبب في حدوثها قطعا إلى السحر و الحسد في الدرجة الأولى . طالب جامعي متفوق خلال سنوات الثلاث الأولى و في سنة التخرج تراجع تحصيله الأكاديمي متناسيين أن والده توفي و أنه لم يحظ بالوقت الكافي للدراسة و التركيز. طالبة جامعية تخرجت و حصلت على وظيفة و لم تتزوج لكنها ترى بأن الوقت لم يحن لاتخاذ قرار الارتباط بشريك. شاب غني شديد الجمال و فاحش الثراء تعرض لحادث و فارق الحياة. بالواقع، الأمثلة يطول سردها و من المؤكد أنكم عايشتم هذه الأمثلة الواقعية أو كنتم شاهدين عليها.
نصيحتي كانت ولا زالت بأن تتوكل على الله وحده في جميع أمورك و ألا تكون شخصًا فاشل برميك أسباب فشلك في حياتك على شماعة الحسد و السحر. الأمر بسيط جد"ا؛ فقط حصن نفسك بالأذكار و لا تكن أي شخص آخر إلا أنت.