Image title


الألفة تعني في جوهرها الإعتياد على شيء و عدم التخالف معه و الشعور بالفرح الممزوج بالأمان . قد يبدو شعور الألفة مطمئنا بعض الشيئ فعندما تزور مدينة لأول مرة , تشعر بالغربة لعدم وجود أشخاص محيطون بك تألفهم و تعرف أطباعهم لكن إن قابلت صديقا قديما في تلك المدينة فسوف يتلاشى لديك شعور الغربة تلقائيا و تشعر بالألفة ـ

لست بصدد الحديث في هذا المقال عن علاقات الفرد بمحيطه و شعوره بالألفة معهم . إنما أعني انفراد الإنسان بشخصيته و سلوكه و إنجازاته حتى انفعالاته عن أقرانه . فيخال للأشخاص في محيط ذلك الشخص بأنه عملة ثمينة , نسخة فريدة من نوعها أو حتى تطبيق لمقولة " خالف تعرف " !

ما يجهله الكثيرون بأن المقولة السابقة لها نسخة أخرى : " خالف تذكر " . وأنا شخصيًا أرى أن المقولة بنسخيتيها وجهان لعملة واحدة .

ما الفائدة المرجوة من السير مع القطيع و الخوف من التميز و الإنفراد أو حتى المخالفة ؟ قد يكون الجواب هو الإبتعاد عن التعب , التحدي , المخالفة أو حتى العقاب . لكن , لن يجد هؤلاء الراحة الأبدية , الإطمئنان أو حتى الألفة في معناها الحقيقي . بل سيستمرون في السير في حلقة مفرغة في فلك الحياة التي تحتاج و بشدة إلى مجازفون برغبة ملحة للتميز و الإنفراد و بإيمان بأن القصد من الوجود هو الطموح إلى ما بعد الوجود وأن عليهم الإهتمام بالفرصة التي ينتزعونها وليس في الفرصة التي تمنح لهم .

يقال أن أي شيء تفعله أكثر من ثلاث مرات يصبح عادة، والعادة هي الشيء المألوف الذي يفعله الإنسان بدون تفكير ولا يشعر بضيق أو تعب.

لا يجرؤ الإنسان على تغيير شيء من عادات مجتمعة، بل إن البعض يوصلها لدرجة التقديس، وبعض العادات قد تكون عائقا أمام التفكير والطموح.

العادة تكونت من أفعال مستمرة لشي ما أو حدث ما، ويزخر مجتمعنا العربي بكامل أقطاره بالعديد من العادات والتقاليد منها ما هو غريب، ومنها ما هو طبيعي ومنها ما هو منافي للدين، ومشكلتنا في المجتمع العربي أن الأغلب يقدس العادات والتقاليد و يرى بأنها لا تتبع لقانون التجدد و البلورة . إن المجتمع الذي يرفض الاختلاف والتنوع يحاول عمل نسخ متطابقة من أفراده مجتمع ضعيف وغير متماسك. لكن الاختلاف سنة الله في الكون وهو أساسي في استخلاف الله للإنسان في الارض.