تعقد في بيروت بعد غياب دام ست سنوات نتيجة الأزمات المتتالية بالدول العربية,قمّة يتم البحث خلالها في التنمية البشرية ومكافحة المشاكل المزمنة مثل المرض والبطالة والفقر والأمية.
رغم الامكانيات المادية الهائلة لبعض الدول العربية إلا انها لم تشهد التطور المطلوب في العديد من المجالات العلمية,ودخول عالم الميكنة والقضاء على الامية,وتحسن الوضع المعيشي للأفراد,لكن البطالة ظلت الهاجس الذي يؤرق الحكومات العربية وبالأخص بالدول التي لا تتواجد بها ثروات طبيعية(النفط والغاز),فأدّى ذلك الى هجرة شبابها الى الخارج لأجل تحسين اوضاعهم المعيشية.
كنا نتوق الى قرن تتحسن فيه اوضاعنا الحياتية (المادية والمعنوية),بان يتم استثمار الايرادات بداخل الوطن العربي لتعم الفائدة,بدلا من وضعها في بنوك الدول الغربية ليستفيد منها الاخرون ونظل نراوح مكاننا ان لم نقل تأخرنا عقودا بفعل سياسات حكامنا غير الرشيدة.
العشرية الثانية من هذا القرن,الدول العربية الغنية وبدلا من ان تستثمر اموالها الطائلة في التنمية بقطاعاتها المختلفة داخل حدودها وتوجيه الفائض نحو الاشقاء,نجدها قد القت بكل ثقلها المادي والإعلامي والخبث السياسي,متمثلا في جلب وتدريب الارهابيين من كافة اصقاع المعمورة وتزويدهم بمختلف انواع الاسلحة لتدمير دولا عربية بإسقاط حكامها,الذين كانوا والى الامس القريب يحضنون بعضهم البعض ويتبادلون النخب على الملأ,وتقتيل وتشريد ابنائها بين نازحين بالداخل,ومهجرين بدول الجوار وأوربا, تتقاذفهم الامواج العاتية,يوضعون في مخيمات محاطة بالأسلاك الشائكة,وكأنما يحملون امراضا معدية يصعب علاجها.
على مدى عقد من الزمن,فإن الدول الغنية دفعت عن يد وهي صاغرة الخراج (بأثر رجعي)لمن يحمي عروشها على مدى عقود من الانهيار,واجبرت على شراء اسلحة وعتاد هي في غنى عنه بأرقام خيالية من العملة الصعبة,وخلال هذه الفترة لم يتم انفاق أي درهم في مجال التنمية بها,بالكاد الايرادات تغطي المصروفات.
الدول (الخمس+1) التي اريد لها ان تدفع ثمن فاتورة الشرق الاوسط الجديد,لم يتحقق بها أيا من الوعود التي دغدغوا بها عواطف جماهيرها,فلا حرية تعبير,والانتخابات ان لم تكن مزيفة فقد تم تدليسها,والتشبث بالسلطة مهما كان الثمن,والأوضاع الاقتصادية شبه منهارة,القرابين تقدم عند كل مطلع شمس الى الكهنة الجدد الذين اتوا على الاخضر واليابس,فقاموا بتجفيف الخزائن العامة وفي طريقهم الى الاستدانة من البنك الدولي.
بعد اكتمال التدمير الشامل الذي ربما يأخذ بعض الوقت,سيعهد الى الدول العربية الغنية التي موّلت الحروب بالإنابة,بإعادة اعمار الدول المنكوبة,والتي ستكلف اموالا كثيرة,ربما ايرادات الدول الغنية وتلك المتضررة,لبضع عقود.
نخلص الى القول بان الذين يعملون لحساب طوائفهم ومذاهبهم او اثنياتهم(اعراقهم) وقبائلهم, وأولئك الثيوقراطينيون المتعصبون,لم يسعوا الى احداث تنمية ببلدانهم وان تحصّلوا على اموال قارون,والشواهد على ذلك كثيرة وماثلة للعيان,انهم الفساد يمشي على الارض في وضح النهار,فلا حسيب ولا رقيب,والقضاء اما مغيّب وإما شريك في العمليات الاجرامية,ونجزم بان متصدري المشهد الحاليين لن يغيّروا معالم بلدانهم نحو الافضل,ما لم يغيّروا ما بأنفسهم وهذا امر بعيد الاحتمال,وان التنمية وهمٌ وسراب,ما يستوجب خروج الجماهير للإطاحة بهؤلاء, واختيار اناس ذوو كفاءات عالية,ليعيدوا بناء ما تهدّم وإحياء الوحدة الوطنية.