عبر الحضارات المتعاقبة , تناوب الفلاسفة و الشعراء على اختلاف أديانهم و ثقافافتهم على وصف المرأة . كيف لا و هي نصف المجتمع فإما أن تكون سبب بناء الحضارات أو هدمها . فقد قامت حروب بسبب امرأة , قتل رجال بسبب امرأة , عاش شاعر في ظلال الخيبة وانكسار القلب بسبب امرأة , انتحر عاشق بسبب امرأة
. على الجانب الاخر , قد تكون امرأة سبب إحياء العاطفة في تلك الزاوية المظلمة المسماة بالقلب لدى رجل لم يعرف يوما شعور أن يطغى القلب على العقل !
لم تكن لدي النية المسبقة للكتابة عن وجهات النظر التي قيلت ولا زالت تقال و تحوم حول المرأة , لكن لمست حس التناقض الإعتباطي في كل ما قيل عبر الزمن عن هذا المخلوق البسيط الذي لا غموض في خلقه، وبنظرة واحدة إلى وجهها يستطيع الرجل الذكي أو متوسط الذكاء أن يتبين ما يعتمل في قلبها من أحاسيس .
ذهب إبراهيم نوار إلى الجزم بأن المرأة عبارة عن خليط من الأشكال و الألوان يعجز الرجل عن فهمه الدقيق أو حتى التعامل معه في كثير من المواقف , مما يجعله في حيرة من أمره فهي كالحديقة تتحول , أحيانا , إلى صحراء لا تصلح إلا لزراعة الصبار . خالفه الرأي نجيب الريحاني عندما رأى بأن المرأة عنصر يمكن للحياة أن تستمر بدونه . بدليل أن الحياة كانت سائرة حين خلق آدم وحده، وقبل أن تخلق من ضلوعه حواء. حقيقة شعرت ببعض الغباء لأنني امرأة لي كامل كياني ووجودي , أبهج شيء في الحياة و كما قال بلزاك " أحلى هدية خص الله بها الرجل " , لكني ما زلت أصنف على أنني كتاب مكتوب بلغة غريبة , مفكك الأوراق و غلافه خير منه أو , على حد تعبير أدينوس " العمل الوحيد غير الكامل . . الذي ترك الله أمر إتمامه للرجل" !
كان كل شيء يسير على الحد المعقول الا أن صادفت بضع كلمات لتوما الاكويني كان لها وقع الأثر الكبير علي . يرى توما الاكويني بأن المرأة ناقص التكوين و كائن عرضي . لا أخفيكم سرا بأن هذه الكلمات استوقفتني قليلا , فتساؤلت عن السبب الدي دفع توما ليخط كلماته هذه , هل كانت خيبة أمل ؟ عذابا ؟ خيانة ؟ قادني الفضول لأن أبحث في سيرة حياته لأجد بأنه قسيس وقديس كاثوليكي إيطالي من الرهبانية الدومينيكانية عمل طوال حياته على كره المرأة فلسفيا أو ما يسمى ب (الميزوجينية ) فقمت بالبحث عن فلاسفة عاشوا قبل توما و لم يعاصروه لأرى عمر التمييز ضد المرأة عبر التاريخ فوجدت بأن هذه الفكرة انتشرت في حياة أرسطو و سقراط حيث يرى الأخير بأن «النساء يولّدن الأجساد، أما الفلاسفة فيولّدون الأرواح». تلك كانت مهمة المرأة شبه الوحيدة .
حتى جاء توما الاكويني متأثرا بأفكار من سبقوه ووضع جذور فلسفة ما زالت تهيمن على عقول فلاسفة و قساوسة قارة أوروربا حتى وقتنا هذا . فوضع جدارا فاصلا بين الجنسين فاعتبر أن الرجل مختلف عن المرأة لأنه "موجّه إلى العمليات الفكرية" بينما المرأة خاضعة للرجل لأن العقل يهيمن لدى الأخير كما يأتي تفوق الرجل من كونه «خُلق أولاً»، ولأن المرأة خُلقت كمساعدة للرجل على التكاثر ليس إلا .
و ها نحن لا زلنا نعيش في بقايا هذه الفلسفات و ما زال البعض يطبقها و يحيى بها و عليها متناسيا بأن المرأة أنشودة مطرية من السماء و كوكب يستنير به الرجل، ومن غيرها يبيت في الظلام . هي نصف الحياة إذا كانت مخلصة لزوجها و هي مخلوق مليء بالحنان والرقة . . عندما يشاء