من أين علي أن أبدأ هذه القصّة ؟
ما رأيك لو وضعتك في الصّورة كي تفهم القصة جيدا...
حسنا، كنت داخل مشفى عادي على سرير عادي داخل القاعة رقم 217 بمشفى مدينة "تيقاسلا".
أنا مريض داخل قاعة بها مرضى مثلي.
"مريض" ههه يا لها من كلمة ! أظنّها تعني الشّخص الذي يعاني...لا إنتظر ! ألا يعني هذا أن الجميع مرضى؟!
قيل لي أنّني أتيت إلى هنا منذ شهر تقريبا لكنني قد إستفقت منذ أسبوع.
عندما إستفقت في اليوم الأوّل وجدت نفسي على هذا السرير القديم.
كان جسدي ملتصقا بعدة أشياء و أنابيب غريبة كانت بدورها مرتبطة بآلات تصدر ضوضاء مزعجة.
كان أبي جالسا بقربي على كرسيّ حديدي أبيض قد أكله الصدأ، كان منهكا من التعب بسبب السهر على مراقبتي و الإعتناء بي لذلك لم أشأ إيقاظه، جلت بناظري على كل شيء بالقاعة...الجميع نائم، السكون مخيم رغم أصوات تلك الآلات و شخير البعض و تأوهات البعض الآخر.
كانت هناك نافذة بعيدة عني . كنت أرى من بعيد قطرات المطر الجميلة، كانت تتساقط بنعومة حينا ثم بقوة و كثافة حينا آخر.تمنيت وقتها أن أكون أقرب إلى تلك النافذة.
إشتدّ صوت المطر فشعرت بقشعريرة طفيفة جعلتني أتدفّأ باللّحاف الذي غطيت به ثم عدت للنوم...
عندما أفقت في اليوم الثاني وجدت والدي نائما رغم حركة الأطباء و الممرضات و حديثهم مع المرضى.
كان يوما مشمسا على عكس الأمس.
أتت إحدى الممرضات بسرعة و هي تبتسم قائلة :
"- لقد إستفقت أخيرا...لقد سهر والدك كثيرا قلقا عليك بل لم يغمض له جفن حتى..
- أعلم...أ..أنا حقا آسف...
- لا تقدم إعتذارك لي بل قدّمه له عندما يستفيق.
- حسنا.
- إذا...هل أنت بخير الآن ؟
- نعم .أنا أشعر بأنّني بخير.
- حمدا للّه."
ثمّ إنصرفت و بعد برهة إستفاق والدي فوجدني مبتسما فتحول عبوسه الذي أظلم وجهه إلى إبتسامة مشرقة أزاحت ذلك الظلام و أراحتني من ذلك القلق الذي إنتابني ثم بادرت أنا بابتسامة زادت سعادته فقال :
"- هل أنت بخير يا بني ؟
- نعم أنا بخير و الحمدللّه.
و خلال ثوان معدودة تحول وجه والدي الملائكي إلى وجه غاضب تقشعر له الأبدان قائلا :
- أيها الأحمق ! يا ابن الكلب ! لقد أقلقتني كثيرا ! لو كانت أمك -رحمها الله- بيننا لأنّبتك و جعلتك ممسحة للأرضية !...
فما كان علي سوى أن أخفض رأسي متأسفا :
- آسف...آسف يا أبي.
ثم إنقشعت غيمة الغضب و عاد إلى هدوئه المعتاد :
- إذا...ما الذي حدث؟
كان وقع تلك الكلمات أشبه بالصّاعقة عليّ فأنا لم أفكّر أبدا بما حدث حتى تلك اللّحظة...
صمتّ محاولا تذكر ما حدث...
كانت ليلة صاخبة كالعادة مع الأصدقاء خلال نهاية الأسبوع، كنّا قد خرجنا من الحانة و نحن نتمايل من شدة الثّمالة و نشتم بعضنا ضاحكين، كانت السّماء وقتها غائمة بشكل مريب منذرة بقدوم عاصفة لكنّنا لم نهتمّ بذلك كثيرا بسبب فكرة طائشة مصدرها أحدنا.
"العفريت" كما نحب أن نسّميه...أصفر الوجه، حاد الملامح، فوضوي الشكل : لا يحلق لحيته جيدا، يرتدي ملابس غير متناسقة حتى أن شعره مجعّد كأنّه لم يمسّ بمشط إطلاقا، إحتلّت هالات سوداء مساحة كبيرة تحت عينيه، ضعيف البنية يكاد يكون جلدا على عظم ، مدمن سجائر يكاد لا يتكلم إلا و مع كلماته نفس كريه من الدّخان. هو شخص أكبر من بقيتنا سنّا لكنه أكثرنا طيشا فدائما ما كنا نقع في المشاكل بسبب أفكاره التي تتحول إلى سكر ذائب يسكن عقولنا عبر لسانه المعسول و كلماته التي ينتقيها بحذر شديد لتعمل كمخدر لوعينا و تجعلنا ننساق حسب هواه و لكن في تلك المرة بلغ حدوده.
دخلنا إلى إحدى المصانع المهجورة التي تقع بعيدا عن المدينة فتجوّلنا هناك و عندها صارت الحادثة.
بينما كنت أحدق بإحدى النوافذ، أنظر من خلالها إلى العاصفة التي شبّت منذ مدة سمعت صراخا قادما من المكان الذي إتجه إليه البقية فهرعت مسرعا لمعرفة ما حدث...
كان مشهدا مريعا.
وجدت صديقاي عالقين بين أسنان آلة طحن كبيرة شبيهة بفوّهة بركان، كانا يستنجدان العفريت الذي تجمد بدوره من الخوف، كانت عيناه البارزتين تكادان أن تقتلعا من جمجمته من شدّة التّوتّر و فور رؤيته لي إنفجر باكيا و بسرعة سألته :
"- ما الذي حدث ؟
لم يجبني بل لم يستطع ذلك فأعدت عليه السؤال ملحا في ذلك أشد إلحاح فحاول إستجماع قواه ثم قال :
- لقد تشاجرا فتعثرا و سقطا داخل تلك الآلة....
وعاد إلى بكائه :
- حاولت مساعدتهما لكنني لم أستطع..."
إقتربت أكثر فوجدت أرجلهما قد سحقت داخل تلك الأسنان و قد خلّفا بركا من الدماء الحارّة.
كانا يبكيان و يستنجدانني بينما كنت في حالة من الجمود بسبب الصّدمة ثم فقدت توازني و سقطت على الأرض بسبب دوار شديد كان قد إنتابني منذ رؤيتي لكلّ تلك الدّماء .
توقّف بي الزّمن و أعادني إلى كل تلك اللّحظات الجميلة التي عشناها معا:
كلّ ذلك الضحك و المرح و الرقص و الغناء و الأجواء المليئة بدخّان السّجائر و رائحة الكحول قد إنتهى هناك خلال تلك اللحظة.
ما الذي يحدث ؟ كيف إنقلبت حياة شبابنا الرائعة إلى بؤس خالص ؟!..هل هي سخرية القدر؟! ما الذي عليّ فعله ؟
عندها عدت إلى لحظات الواقع.
حاولت النّهوض لكنّني لم أستطع فقرّرت الزّحف نحوهما ببطئ و مددت يديّ و طلبت من أحدهما أن يتشبّث بي ليصعد و يخرج من المأزق، حاول الإمساك بيدي لكنني أحسست بارتجافه اللانهائي، لم يستطع أن يتشبّث بي بسبب الخوف و الألم فالتفتّ إلى العفريت بنيّة طلب المساعدة منه فوجدته خلفي واضعا كلتا يديه على فمه كأنه يحاول منع خروج شيء ما من فمه.
كانت عيناه تحملان خوفا مرعبا. كان يرتجف كأنّ بؤس هذا العالم قد إجتمع داخله .
كانت عيناه تمطران دموعا إختلطت بمخاط أنفه فحوّلت وجهه إلى شيء فظيع لا يشبه الوجوه ثمّ فهمت من خلال الأصوات التي كان يصدرها أنّه كان يحاول يائسا منع نفسه من أن يتقيأ بسبب كلّ ما رآه فإستجمعت قواي و صفعته بقوّة و صرخت عليه:
" إستفق يا رجل ! هذا ليس الوقت المناسب كي تصدم ! هيا ساعدني كي ننقذهما ! ".
فور سماعه لي تحرّك شيء بداخله فعاد إلى رشده و زحف مثلي ليصل إليّ ثمّ أمسك كلّ منّا أحد يديّ الصّديق و رفعناه بكل ما أوتينا من قوّة لكنّنا لم نستطع رفعه سوى بضع سنتيمترات، كانت الأرجل عالقة مع أسنان تلك الآلة...
كانا يبكيان كأنّهما طفلان قد أضاعا والدتيهما مستنجدين بي، مستنجدين بالحياة، مستنجدين بخالقهما...
ظللنا نحاول سحبهما لكن دون فائدة ثم سمعنا صوتا غريبا، كان أشبه بخطوات عملاق أو قرع شيء كبير على سقف المصنع و بينما كنا نحدق بذلك السقف سمعنا صوتا مدوّيا هزّ أحشائي و كاد يسقطها، كان أشبه بصوت ضربة طبل عملاق...
في تلك اللحظة توقف الزمن مرة أخرى لكن بصفة أبطئ عن سابقتها، توقّفت الأحداث عن المضي، توقفنا عن التفكير، كان سكونا حادا و صمتا مميتا يغرق المرء في حيرة لا تنتهي ثم مرّ كل شيء بسرعة فائقة، كان ضوءا أبيض مرعبا صادرا من السقف تبعه بعد ثوان ذلك الصوت مجددا ثم إختفى كل شيء...
بقي الظّلام فقط، إختفى الجميع، إختفت الأصوات، لم يعد هناك شيء... عاد كلّ شيء تدريجيا لكن بصورة ضعيفة و ضبابيّة و شعرت بعد ذلك بشعور غريب : صعود الدّماء إلى الرّأس محدثة حرارة في كامل أنحاء الجسم فشعور ببرودة غريبة تنطلق من قفا الرأس نحو الوجه على شكل خيوط عنكبوت ثم وقوف كل شعرة بالجسم بسبب قشعريرة غريبة تغزو كل جوارحك في آن واحد.
هكذا كان ذلك الشعور، شعور بدائي ولد مع كل إنسان، ولد مع أول صرخة له في هذا العالم، هذا ما يسميه البعض بالخوف القاتل.
بعد ذلك الشعور بدأ الظّلام يعود مجددا و معه بدأت تخفّ الأصوات التي كادت تتضح قبل قليل، صوت ألسنة اللّهب، صوت صراخ أصدقائي و كلّ شيء عاد ضبابيا ثم غرقت في الظلام من جديد...
أعاد والدي السؤال صارخا :
- يا ولد ! تكلّم فإنك لم تجبني بعد .
- أ...آسف .
- لقد بقيت شارد الذّهن...ماذا حدث ؟ هل تذكرت شيئا ؟
- أ...لا...لا لم أتذكر.
- لكن ملامحك تقول شيئًا آخر...
- آسف لم أتذكر شيئا .
- حسنا، كما تريد...إن إخترت عدم إخباري بما حدث فلا بأس بذلك فلقد أغلقت القضيّة منذ أسبوع بعد أن أدلى صديقك بشهادته...
لم أستطع إستكمال المحادثة بسبب التّعب الذي ينتابني من لحظة لأخرى فعدت لسباتي بعد أن قفز إلى ذهني سؤال :"من هو هذا الصديق ؟"...
عندما أفقت في اليوم الثالث وجدت الطّبيب يفحصني ثم ينظر إلى شاشات تلك الآلات المزعجة فيمسك نظاّراته الطبيّة المستديرة لتعديلها فوق أنفه الحاد و يعيد النظر إليّ بواسطة تلك العينين الصغيرتين ثمّ رسم على شفتيه الزرقاوين إبتسامة طفيفة قائلا :
"- لا تقلق...أنت بخير الآن ثم أضاف :
- هل تشعر بالتّعب أحيانا ؟
- نعم
- لا بأس...لا تقلق، إنه مفعول الأدوية و حسب."
ثمّ إنصرف سريعا فقرّرت الخروج بعد أن أدركت أن الأنابيب و الأسلاك التي كانت متصلة بي قد نزعت و كانت المصيبة !
عندما رفعت اللّحاف الأبيض وجدت ساقا واحدة فقط.
كنت أصرخ لكنّني لم أكن أدرك أبدا أنني كنت أصرخ .
وجدت كل من يشاركني القاعة يلتفت إلي بفزع فأتتني الممرّضة مسرعة و لم تتحمل حتى عناء سؤالي عن الذي حدث لي، كلّ ما يمكنني القول أنه كان أسوء يوم في حياتي، صرخت بكل ما أوتيت من قوّة، لم أتوقّف عن الصّراخ إلى أن أتت ممرضّة أخرى حاملة حقنة جعلتني أعود إلى سباتي مجددًا...
إستفقت في اليوم الرّابع على صوت تساقط المطر على النافذة، فهمت من ضوء الغرفة الأزرق الخفيف أنني إستفقت باكرا قبل الجميع...
كان يوما ممطرا مثل اليوم الأول، كنت أنظر إلى السّقف متخيّلا شاشة كبيرة تعرض لي كل ما مررت به، حياتي، شبابي، أصدقائي، ضحكاتهم، جلساتنا، المأساة التي حدثت و أخيرا ساقي المبتورة و جسدي المحترق ثمّ تذكّرت شيئا من الليلة الماضية...عندما خدّرت كنت لا أزال أستطيع السّماع لبعض الوقت : كانت ممرضة تتحدث مع زميلتها :
"- ترى هل أخبره والده عما حدث لأصدقائه ؟
- لا ! مستحيل ! لن يستطيع فعل ذلك.
- لماذا ؟
- لأنّه من المرجح أن الطبيب أخبره -مثلنا- عن ضرورة عدم إخبار المريض حول ذلك الموضوع الحسّاس .
- يا له من مسكين !
- إياك أن تتفوهي بأي كلمة أمامه، -كما قال لنا الطبيب- إن الوحيد الذي سيخبره بأمر موت أصدقائه هو الطبيب النّفسي و إلا سيفقد عقله."
تمالكت نفسي و تنفست ببطئ و شرعت في تفكير متواصل...
كانت تدور في ذهني العديد من الأفكار و الأسئلة العميقة...لم أفكر بتلك الطريقة من قبل.
في تلك اللحظة شعرت بالتغيير في داخلي، في روحي و عقلي، في طريقة تفكيري و وعيي للأشياء من حولي و من ثم تغير منظوري للحياة كليا كما تغير منظوري للموت كذلك.
لقد أدركت الكثير عن الموت و الحياة، أدركت أنني ولدت من جديد و لكن لسبب ما لم أعرفه بعد.
ربما لإصلاح ما حدث أو ما بقي منه على أي حال أو ربما لإنجاز شيء ما لم ينتهي بعد.
ظللت بقية ذلك اليوم أنظر لكل شيء بتمعن و بمنظور مختلف تماما.
حتى تلك الأشياء التي لم أعرها إهتماما في حياتي السابقة كتلك الإبتسامات اللطيفة على وجوه الجميع، الندى على بتلات الزهور الجميلة التي وضعت في إبريق بجانبي، النور الذي يعبر من كل مكان...
في ذلك اليوم أتاني الطبيب النّفسي و بدأ الحديث معي حول كل ماحدث معي.في البداية كان يسألني أسئلة عن شعوري حيال كل هذا التغيير بينما كنت أجيبه بهدوء دون النظر إليه و لو لمرة واحدة لكنّه سرعان ما توقف لبرهة ثم قال و هو يهمّ بالوقوف :"أظنّ أنّ عملي قد إنتهى منذ البداية".
ثمّ قام بعمل إمضاء في أسفل ورقة كان يكتب عليها منذ أن بدأ بطرح تلك الأسئلة و صافحني محدقا فيّ بعينيه الصفراوين المختبئتين خلف نظارته الشبيه بنظارات هاري بوتر قائلا بلكنة شبيهة للّكنة البريطانية :"تهانينا! لقد إستطعت أن تشفي نفسك بنفسك فلقد تقبّلت هذا التغيير الكبير لذا أنت لا تحتاج مساعدتي. "
فور رحيل ذلك الطبيب شاهدت-و أنا متأكّد ممّا شاهدت- قرب الباب العفريت يرحل مبتسما بعد أن حدّق بي للحظات.
خلال اليوم الخامس حاولت الحديث مع من أريد تسميتهم زملائي في المعاناة فحقيقة لقد أصبحت أحمل بعض الضغينة تجاه كلمة مريض.
كنت خلال تلك المحاولات أضيف بعض الحياة لكلماتي لكي أذيب الصقيع الذي غطاها منذ وفاة والدتي قبل سنوات.
تحدثت فاتحا لهم قلبي فأجابوني فاتحين قلوبهم لي كذلك.
كنا نتحدث عن كل شيء و لا شيء دون نظام أو إكتراث لأن الكلمات لم تكن الهدف من البداية . كان حوارا بسيطا بين القلوب توصله الكلمات مرفقة ببعض المشاعر من القلب إلى القلب لنحصل على أجواء صادقة من الضحكات النقية التي تغسل الروح من رماد الحياة.
أفقت في اليوم السادس على صوت همسات زملائي فوجدتهم خارج أسرتهم ينظرون من خلال النافذة نحو شيء جعلهم مبتهجين، سألت أحدهم عما يجري فقال لي :
" أنظر بنفسك فلا يمكنني وصف هذا ! "
طلبت من البقيّة أن يساعدوني للخروج من السرير و الرؤية معهم و كان فعلا مشهدا لا يوصف.
كان الثّلج يتساقط ببطئ و يحطّ على كل شيء بنعومة ، الأشجار، الطريق، السيارات المركونة على الجانب الأيمن من الطريق، تحول العالم المبتل إلى عالم آخر ناصع البياض.
لطالما أحببت ذلك المشهد رغم كونه مجرد مشهد روتيني نراه كل سنة إلاّ أنّه لا يزال يحمل نفس السحر كأنه أوّل مرّة .
طلبت منهم فتح النّافذة لكن للأسف كانت موصدة تماما بسبب توصية الأطباء على ذلك، شعرت بالحزن لأنّني كنت أكنّ رغبة كبيرة في لمس الثّلج و الشّعور ببرودته لكي يكتمل الإحساس لكنّك لن تصدّق ما الذي حدث بعدها!
إثر عودتي إلى فراشي قامت ممرّضة بتهريب كرة ثلج لي، كانت تذوب ببطئ بسبب دفء يديها فمرّرتها إليّ بسرعة.
أمسكت تلك الكرة رغم برودتها، رغم ذوبانها بين يديّ، رغم سيلانها على جلدي المحترق..إلّا أنّني رأيت الكون كلّه بداخلها...
أفقت في اليوم السّابع على صباح هادئ و بسيط .
أتى أبي و الطّبيب معا، كانا يبتسمان إبتسامة جعلتني أفهم أنّه قد حان وقت رحيلي عن هذا المكان و العودة إلى المنزل.
في الحقيقة أنا لم أرد الرّحيل، أصبحت أشعر أنّني أنتمي إلى ذلك المكان، أردت البقاء فقط .
خرجت من ذلك المكان مُكرها، مودّعا، شاكرا، على كلّ شيء.
بينما كنت خارجا على متن عكّازيّ كانوا ينظرون إليّ واحدا واحدا تاركين بداخلي صدى كلمة واحدة :