نبارك أولاً للوزير الجديد أ.د حمد آل الشيخ ونسأل الله أن يجعله خير خلف  لسلفه الدكتور أحمد العيسى الذي نتمنى له التوفيق في مهمته الجديدة.

ويعلم وزيرنا الفاضل بأنّه تنتظره ملفّات ساخنة وقضايا شائكة سأختصرها في قضيّتين خاصة وعامة إن استطاع أن يوجد لهما حلّاً فقد أتى بما لم تستطعه الأوائل ولربّما كُتب له النّجاح  في بداية المشوار.

قضيّة خاصّة:

هي قضيّة القضايا قضيّة متضرّري البند المشؤوم( ١٠٥) هذا البند اُستحدث لظروف معيّنة وزالت هذه الظروف ولله الحمد ولامبرّر لبقائه ، وضحايا هذا البند لاذنب لهم  خاصّة عندما يعلمون ويشاهدون  بأن هنالك زملاء لهم عُيّنوا بعدهم فسبقوهم بالمستوى وبالدّرجة ناهيك عن عدم احتساب خدمتهم عند التقاعد ، وفي هذا ظلم وعدم تكافؤ فرص مع سابق علمكم بأنّ الجانب النّفسي يلعب دوراً مهمّا في هذا الجانب.

 ولا ننسى خريجات كليّات التربية اللاتي ينتظرن بارقة أمل من سعادتكم فقد انتظرن طويلاً ونرجو أن يكون الحضور بحجم الانتظار.

قضيّة عامّة:

قضيّةٍ تشكّل أفراد المجتمع وتؤثّر فيه وتطبعه بطابعها في شتى المجالات دينيّا وعلمياً وثقافياً وحضاريّا وتجعله مضرب مثل ، وموضع احتذاء ، وعضواً في مصاف الدول المتقدّمة علميا وحضاريّاً إن هو حقّقها..

كل التوجّه في السنوات الماضية كان للتعليم وأقولها بصراحة وبعد تجربة ليست بالقليلة في التعليم ليس لدينا مشكلة كبيرة في التعليم ولا أدلَّ على ذلك من تفوِّق أبنائنا المبتعثين ومقارعتهم لطلّاب الدول المتقدّمة تعليمياً بل تفوّقهم أيضاً!

فنواة هذا التفوق والنّبوغ كانت من مدارسنا! ولكن ما الذي اختلف إذن؟

  الذي اختلف بكل بساطة هو احترام النظام والتقيّد به وسنّ القوانين والأنظمة التي تكفل تحقيقه ممّا ينتج عنه التربية الحقّة..

 ولا يُفهم من هذا أنه ليس لدينا تربية بل ديننا دين التربية والنظام  ولكنّنا لم نقدّرها حق قدرها المتمثّل في التطبيق لها! والسبب في  ذلك عدم وجود نظام وإن وُجد فليس هنالك

تفعيل ..وسأضرب لكم مثالاً يعرفه جيداً من كان له أدنى علاقة في هذه المهنة- أعني مهنة التدريس - تجد في بعض المدارس طالباً أو طلاباً قَصُر النظام عنهم  لأنّه مهما بلغت العقوبة فلا ترقى لمستوى الفعل ..فما الذي يحدث عندها؟

يتواصى الجميع على أنّ هذا الطالب لايصلح للتعليم لأنّه خطر على زملائه الطلاب ، خطر على المعلمين ، خطر على المجتمع بأسره! بل خطر على أسرته وإعادته لسنة دراسية تعيد المعاناة السابقة فأهون الضررين في نظر الجميع أن (تمشي أموره ) اكتفاءً لشرّه .. حتى يتخرج من تلك المرحلة وتُطوى صفحته! لكن السؤال الخطير والمؤلم هو: أين سيذهب بعدئذٍ؟

يقول أصيحابي الفرار أو الرّدى

          فقلت: هما امران أحلاهما مر

مادعاني للتطرق لهذه القضية ماكتبه الأستاذ/ مشعل السديري  الكاتب المخضرم بصحيفة عكاظ- قبل أن تستجدَّ بعض الأحداث الأهم - عندما ناشد وزير التربية - سابقاً - بأن تتبنى وزارته تطبيق التجربة اليابانية وذلك  بأن يقوم طلابنا بتنظيف فصولهم عند انتهاء اليوم الدراسي باعتبار المدرسة بيتهم الآخر  وهو طلب مشروع بلا شك ونتمناه ولكن للأسف دونه خرط القتاد! فلابد أن تسبق هذه الخطوة خطوات تتمثّل في تربية حقيقيّة تبدأ من المنزل وتنمّيها المدرسة ويردعها النظام ..

من يرى أبناءنا وكيف يتعاملون مع قوارير المياه التي يوفّرها المحسنون في مساجدنا يعلم أنّ هنالك خللاً واضحاً في نشأة بعضهم ! ضَربت مثالاً لما يحدث في المساجد لأنها أقدس الأماكن وأطهرها ومع ذلك لاتخلو من عبث أبنائنا! حقيقة تخيّلت بأنّ طلابنا أُلزموا بتنظيف فصولهم ومقاعدهم الدراسية  وحلّق بي الخيال بعيداً ورأيت كيف أنّ الفصل الواحد قد تحوّل إلى مايشبه الملعب الصابوني خاصّة وأنّ التهريج واللامبالاة أصبحت مرادفاً للرجولة والشخصيّة ولهذا انظروا إلى أغلب مشاهير السناب لدينا  كم أعمارهم؟ وماالمحتوى الذي يقدّمونه؟ ومن أين نشأ هذا التهريج؟ ولماذا أصبح الطالب المنضبط سلوكاً وعلماً في نظر طلابنا هاموراً أو دافوراً أو مصطفى آخراً كما يصمونه؟! هذا الطالب الذي نشأ في أسرة تحترم النظام وتُنشِّئه على الأخلاق الفاضلة  هو بين أمرين: إمّا أن يتّقي شرّ زملائه المهرّجين ويكون مثلهم أو يبقى منبوذاً يُشار إليه بالسبّابة وأختها فيضطرّ لمسايرة زملائه وفي نفس الوقت يحاول تلبية رغبة أسرته فيتعلّم الازدواجيّة والتي ماتلبث أن تتحوّل إلى انفصاميّة!

ولهذا نشأ التمرّد والتنمّر والجرأة على المعلّم  حتى وصلت إلى الطعن والقتل ..وحقيقةً فإنّه طعن للمجتمع كلّه بأن تمتد يد الغدر إلى عُلية أفراده فشُلّت يدُ الغدر أياً كانت.

وبالمناسبة لماذا لايتم هذا التمرد والتنمّر والتوحّش إلا داخل أسوار المدرسة؟! باختصار لأنه لا نظام!!

  ولو أنّ هنالك نظاماً لفكّر المعتدي ولأحجم عن عمله الجبان..

وأقولها بالفم الملآن: الطالب عندما يقابل المعلّم خارج أسوار المدرسة وخارج أوقات الدوام فإنّه يهش ويبشّ بل ربّما يقوم بدور الكبار ويدعو معلّمه لاحتساء القهوة في منزله ولو مجاملةً..لكن من أين أتى هذا الإزدواج والانفصام؟ 

إنّه من المدرسة!! الطالب يكرهها بل إنّه ينتقم مِمن له علاقة بها   فيتمرّد على معلّمه ، ويتنمّر على زملائه ، ويعبث بممتلكات مدرسته ، ويخدش جدرانها ، ويزلزل أركانها بإزعاجه ... يصل بعضهم إلى حاوية النفايات ويضع مخلّفاته بجوارها ياأستاذ مشعل!

المدرسة وفّرت غطاء كامل للطّالب حتى الطلاب الهادئين ومن يُسمّون بضعاف الشخصية نفشوا ريشهم على من علّمهم حرفاً...بل إنّ النظرة القاصرة من البعض للمعلّمين والجرأة أدّت إلى فرد العضلات عليهم حتى من قِبل ( الجنس النّاعم) كما فعلت مشهورة السناب مؤخراً ، ولو كان هنالك ظهراً يسندهم لما تجرّأ هؤلاء على من صنعهم حتّى يقابلوه بهذا الصنيع!

لكنّ أملنا بقائد مسيرتنا وصانع نهضتنا وصاحب رؤيتنا كبيرٌ جداً ولاريب في ذلك لأنّ الشّباب هم من يشكّل شريحة كبيرة من أفراد المجتمع.

كانت الوزارة سابقاً تسمّى بوزارة المعارف ومع هذا كانت تقدّم التّربية على المعرفة ، فنشأ جيلٌ تسنّم أفراده جل وزاراتنا وإداراتنا اليوم .. ثم سُميت بوزارة التربية والتعليم فرجونا خيراً واستقر بها المُقام إلى( وزارة التعليم) ولا أدري أين ذهبت التربية؟!

إنّنا يامعالي الوزير بحاجة إلى التركيز على التربية أو مساواتها بالتعليم على الأقل وبحاجةٍ إلى  المنضبطين سلوكاً وحمايتهم وجعلهم قدوات ليسلك الجميع مسلكهم وعندها سيقومون بتنظيف مقاعدهم وفصولهم وبيوتهم تلقائيا من غير إجبار  كما فعل أبناؤنا بعد مباراة منتخبنا مع روسيا في كأس العالم الأخيرة وكانوا مضرب مثل وأشادت بهم صحف العالم  وأصبحوا حديث الجميع...