المجلس الرئاسي غير المتجانس ومنذ فرضه بالقوة من قبل الدول المتورطة في الشأن الليبي يعمل بمنطق المغالبة في ادارة امور البلد,حيث وجود لوبي اخواني مستفرد بإصدار كل ما من شانه تحقيق مصالحه الشخصية والعمل على زعزعة الامور في شرق البلاد وجنوبها لأجل ان يظل محتفظا بالعاصمة وما حولها انطلاقا من مبدأ(من يسيطر على العاصمة يسيطر على البلد) ملبيا اوامر الدول التي أنشأته,جرافات الموت نحو الشرق لم تنقطع يوما ما ادت الى ازهاق ارواح الابرياء واجبر اخرون على النزوح,بينما يعيش اهل الجنوب حياة البؤس والشقاء وأصبح ساحة صرع للحركات المسلحة الاجرامية لدول الجوار تعيث في الاقليم فسادا وارتفع مستوى الجريمة وكأنما فزان ليست جزءا من ارض الوطن.
في ظل الاوضاع المتردية,قام احد اعضاء المجلس الرئاسي عن الجنوب بتقديم استقالته على الملأ مبينا اخفاق المجلس في القيام بواجباته الوطنية,تبعته استقالة عضوين من الشرق الليبي في واعتكاف اخر من الغرب في محاولة لإظهار فظاعة النهج الذي يتبعه فريق الاسلام السياسي في ادارة شؤون الدولة وإفساح المجال بشان امكانية اعادة تشكيل المجلس الرئاسي يكون اكثر فاعلية ويساعد في لم شمل الوطن الاخذ في التشرذم,وللأسف فان المتنفذون في مجلس الدولة ذو الطيف السياسي الواحد,يضعون العراقيل لكي تستمر الأمور على ما هي عليه الى اجل غير مسمى,خاصة وأنهم يدركون بان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لن تجرى في المستقبل المنظور.
ظهرت الى السطح مؤخرا أصوات نشاز من قبل أعضاء بمجلسي النواب والدولة مطالبة بعودة النواب المقاطعين الى المجلس الرئاسي,اطلقوا عليها (ترميم الرئاسي),ظاهرها تخفيف المعاناة عن سكان برقة وفزان خاصة بعد الحديث عن ميزانية العام 2019 التي تقدر بـ(70 مليار-ميزانية غير مسبوقة) والتي لم تساهم السلطة التشريعية في اعتمادها بينما وضعها اخرون من خارج البلد,وفي باطنها ليكون هؤلاء النواب (في حال عودتهم)شهود زور على استنزاف المزيد من أموال الشعب الذي يعيش حد الكفاف,او الحصول على بعض المزايا(المكاسب) التي لن تسمن ولن تغني من جوع.
ندرك جميعا ان البناء (المجلس الرئاسي)الذي لم يبن على أسس سليمة,الاخذ في التهالك,الآيل الى السقوط,لن تجدي معه محاولات الترميم(ما ينفع في البايد ترقيع),بل مجرد مصاريف إضافية ستؤدي في النهاية الى افراغ الخزينة العامة من محتوياتها في وقت قياسي قصير,لتذهب إيرادات النفط والغاز التي شهدت ارتفاعا ملحوظ الى الدول الراعية لقتل وتهجير الشعب الليبي وتدمير مقدراته .
هنيئا لهؤلاء الساسة بوجود شعب مستعد لان يذهب الى اقصى درجات الذل والمهانة والخنوع وحياة العوز والفقر,ووقوفه في طوابير طويلة بمحطات الوقود والغاز,وأمام البنوك بشان السيولة النقدية والتي اتضح انها ازمة مفتعلة,ناهيك عن الانقطاع الممنهج للتيار الكهربائي,ولم ينزل الى الشارع لطردهم,انهم شراذم متحكمة في مصيره على مدى سنوات.
نكبر في هؤلاء المفسدون عدم نكرانهم لجميل اسيادهم,هنيئا لـ(أسيادهم)بحسن تربيتهم وتدريبهم, فتعبهم لم يذهب سدى,بل اثمر عملات صعبة متأتية عن بيع الذهب الأسود والغاز, لتنتعش اقتصادياتهم وينخفض مستوى البطالة لديهم,بينما يدفع بشبابنا الى اتون حرب لا تبقي ولا تذر. الملفت للنظر ان الميزانية الخاصة بعلاج (الجرحى)اخذة في الازدياد رغم ان المعارك بين الافرقاء قد خفت حدتها,ما يطرح اكثر من علامة استفهام لكبر حجمها.