أنت تعرف المثل القائل: (رُب رميةٍ من غير رامٍ)، لكنك بالتأكيد لم تسمع عن (رُب رميةٍ أطلقتها، فارتدت إلى صدري)، أليس كذلك؟

حسنًا! هذا لأنني اختلقته للتو!Image title

لكن هذا المثل–إن جاز التعبير- يُلخص حقيقة التسويق بالمحتوى في عالمنا العربي.

دعني أعطيك مثالًا:

 

إن أخبرتك أن لديّ شركة متخصصة في تقديم حلول تقنية لإنشاء حملات عبر البريد الإلكتروني، وأن شريحتي المستهدفة هي مسؤولي التسويق في الشركات متوسطة الحجم، فما رأيك إن كان المحتوى الذي سأقدّمه يحمل عناوين على شاكلة:

        كيف تطلق حملة تسويق ناجحة عبر البريد الإلكتروني؟

        أفضل 20 أداة تضمن لك حملة إعلانية أقوى.

من برأيك سيهتم بهذه النوعية من المقالات؟ المسوقون المبتدئون دون أدنى شك! فأمثال هذه المقالات ستؤمن لهم أرضية يكتسبون من خلالها بعض الخبرة.

يبدو أنني أجذب الشريحة الخاطئة من القراء!

 

أين الخلل؟

 

يعمد جميع المسوقين بالمحتوى إلى توليد أفكار لمحتواهم انطلاقًا من افتراضاتهم الشخصية، لكن ماذا عن رأيي أنا كعميل؟ ألا يُفترض أن يسألني أحدهم عمّا أحتاجه، أم أنني سأُضطر في كل مرة لقراءة مقالة من 1000 كلمة، لأكتشف في النهاية أنها تتحدث عن أمرٍ غير ذي صلة باحتياجاتي؟

 

على سبيل المثال، وصلني طلب محتوى منذ مدة، وضمّن مُرسله العبارات التالية:

 

"نحن شركة متخصصة في تصميم واجهة مستخدم صديقة وسهلة التصفح، ونستهدف الشركات العربية، فكل شركة تحتاج لإعادة تحديث تصميم موقع الويب الخاص بها....الخ،

ونحتاج لمحتوى حول أهمية وجود واجهة مستخدم فريدة تعطي للزائر تجربة تصفح رائعة".

 

رغم أن العميل يتحدث بثقة، لكن –وحتى مع قراءتي الخامسة للطلب- لم أفهم الشريحة التي يستهدفها هذا العميل!

فالشريحة المستهدفة هنا تُدرك قيمة واجهة المستخدم، لكنها تحتاج لمن يدّلها على كيفية بناء واحدة، وكيفية عمل اختبار أ/ب، وجعل الصفحة تحقق نسبة تحويل عالية، وبالتأكيد أنت -كمزّودلهذه الخدمة- لديك الخبرة في ذلك،

إذًا، يجب أن يتمحور المحتوى حول هذه النقاط ومثيلاتها.

 

السؤال الأهم الآن: كيف أقوم بكتابة محتوى يحقق الهدف المنشود؟

هذا ما ستحاول هذه التدوينة الإجابة عليه.

 

تعرف على مشاكل جمهورك المستهدف أولًا

 

أنت تعرف شريحتك المستهدفة بالفعل (أو على الأقل تعرف من قد يجد فائدة من منتجك/خدمتك)، ولكنك بحاجة لتتعرف إلى مشاكلها وتطوّر حلولًا لهذه المشاكل، هذا هو الهدف الذي لا بدّ لمحتواك أن يُحققه.

 

وكما أن دراسة السوق هي أول ما ستفعله قبل إطلاق منتج جديد، فكذلك سؤال شريحتك المستهدفة هو أول ما عليك فعله قبل نشر محتوى جديد.

ويمكنك القيام بذلك من خلال:

 

1.      الحديث مع فريق الدعم الفني؛ فَهُم خط هجومك الأول، ولأنهم على تواصل مستمر مع العملاء المحتلمين، ستجدهم يعرفون جميع مشاكلهم بالفعل، وهو ما سيساعدك بشكلٍ كبير.

2.      التواصل مع فريق المبيعات؛ وإن كان فريق الدعم الفني يعمل عبر قناة تواصل واحدة، فلفريق المبيعات العشرات من قنوات التواصل: فهم على اتصال مباشر مع العملاء، ويعرفون الميزانية التي خصصوها للحلول، و كذا الأهداف التي يودون تحقيقها من خلال خدمتك.

3.      أخيرا فريق التسويق:ربما لا تربط فريق التسويق أي صلة مباشرة مع العملاء؛ لأن دورهم أكبر بكثير،إلا أنهم لازالوا قادرين على المساعدة.

حدد لكل فريق موعدًا خاصًا للاجتماع به، تجلسون خلاله للدردشة بشكلٍ عميق حول الجمهور المستهدف، مع وجود أسئلة لطرحها على كل فريق. ولا بدّ أن تكون الأسئلة متوافقة مع اختصاص كل فريق.

إليك بعض الأسئلة المقترحة، ويمكنك أن تُعدلها كما تشاء لتتناسب مع مجال عمل شركتك وأهدافك التسويقية.

 

الأسئلة المناسبة هي مفتاح الوصول لرأس الخيط

 أحد أهم أسرار نجاح الشركات هو فهمها لاحتياجات العملاء من خلال طرح الأسئلة. فالأسئلة هي الطريقة الأبسط والأكثر فعالية للتعلم، و للحصول على رؤى أعمق للسوق.
يقول إريك شميدت-Eric Schmidt ، الرئيس التنفيذي لشركة Google: "نحن ندير هذه الشركة بناءًا على الأسئلة ،لا الإجابات". وهو يعلم أنه إذا استمررت في طرح الأسئلة، فيمكنك دومًا العثور على إجابات أفضل.

ومن هذا المنطلق، احرص على أن تستهدف أسئلتك الإجابة على ما يلي:

 

  • ·       السعر الأنسب للخدمة التي تقدمها.

  • ·       كيف ساهمت خدمتك في تغيير حياة العميل؟

  • ·       ما العقبات/المشاكل التي يواجها هذا العميل بشكل فعلي في مهامه اليومية؟

 

أسئلة مقترحة لفريق الدعم الفني:

1.      أي عملائنا يرى قيمة مضافة في الخدمة التي نقدّمها؟

2.      أي عملائنا استمتع بالتعامل معكم، و لم يجد معه أي مشكلة؟

3.      أي عملائنا تعتبرونه العميل المثالي لخدمتنا/منتجنا؟

أسئلة مقترحة لفريق المبيعات:

1.      ماهي أسهل صفقة استطعت إبرامها مع أحد عملائنا خلال الفترة الماضية؟ ولماذا ترى بأن إبرامها كان سهلًا؟

2.      أي العملاء لاحظت بأنه كان يعاني من مشاكل جمة قبل أن يصبح عميلًا وساعده منتجنا/خدمتنا على حل تلك المشاكل؟

3.      ماهي أبرز المشاكل والعقبات التي تصادفكأثناء الحديث مع العملاء المحتملين؟

أسئلة مقترحة لفريق التسويق:

1.      ماهي أنجع قنوات التسويق التي لمست من خلالها نجاحًا وحققت عائدًا رائعًا من الاستثمار؟

2.      أي عميل تراه الأمثل لمنتجنا/خدمتنا انطلاقًا من حملاتك الإعلانية السابقة؟

 

بعد الانتهاء من الجلسات وجمع المعلومات، حاول أن تصل لمشاكل جمهورك المستهدف، ما العقبات التي لمست أن جمهورك يعاني منها من الفرق الثلاثة؟ كم يستغرق العميل المحتمل من الوقت لكي يتحول إلى عميل فعلي؟ ما القيمة المالية لهذا العميل؟ ما الذي يجذب عملائك الأوفياء لشركتك؟ وكيف تستطيع تطوير ذلك بما يحقق في أهدافك؟

 

بالعودة إلى المثال الذي ذكرناه في البداية، لنفترض أنك شركة تقدم حلولًا كبيرة خاصة بتحسين حملات التسويق الإلكتروني بعقد لا يقل عن 5000$/شهريًا لمدة سنة، وكنت تظن أن الشريحة المستهدفة هي الشركات التقنية الناشئة متوسطة الحجم، وبعد اجتماعك مع فرقك الثلاثة اكتشفت أن الشريحة المستهدفة هم فعلًا مديرو التسويق في تلك الشركات، وأن من أبرز المشاكل والعقبات التي يعاني منها هؤلاء، هي كيفية زيادة نسبة تحويل الزوار إلى عملاء بأقل كلفة من خلال حملات مكثفة على جوجل أدودرز(Google AdWords)، وكذا كيفية تحسين المحتوى الإعلاني الخاص بهذه الإعلانات وصفحات الهبوط على حد سواء...

 

الآن وبما أنك تُمسك رأس الخيط (العقبات الخاصة بالجمهور المستهدف)، لن تكون هناك مشكلة على الإطلاق في كتابة محتوى قيم وثري ويهم الشريحةالمستهدفة.

 

فوائد معرفة الشريحة المستهدفة:

يساهم تحديد شرائح العملاء المستهدفة في تطوير استراتيجيات تسويقية فعالة. السوق المستهدف عبارة عن مجموعة من الأفراد الذين يتشاركون في احتياجات ويبحثون عمّن يلبيها . وهم المستخدمين النهائيين الذين تكبر إحتمالية شرائهم لمنتجك/خدمتك.

1.      محتوى قيم لتسويقه:

من خلال فهم العقبات و المشاكل التي يعاني منها جمهورك، ستكون قادرًا على كتابة محتوى مميز ويساعد الشريحة، وكذا ستكون لديك رؤية واضحة لنوعية المحتوى الذي ستكتبه.

 

2.      قنوات محددة لتسويق محتواك:

من خلال معرفتك لشريحتك المستهدفة وكيف تعرفت على منتجك، ستتمكن من تحديد القنوات المناسبة لتسويق محتواك عبرها؛ لكي تبني وعيًا ضخمًا حول علامتك التجارية. هل وصلوا لموقعك من خلال توصية من مؤثِّر على السوشيل ميديا؟ أم من خلال مقالة نشرتها على موقع مرموق في مجال عملك؟ أم من خلال محركات البحث؟

معرفة تلك الأمور سوف تساعدك على وضع النقاط على الحروف، وتحديد أفضل قنوات التسويق لتوزيع محتواك من خلالها؛ لكي يصل لأكبر عدد ممكن من المهتمين.

 

الخلاصة:

بلا شك، أنت لم تنشئ مدونة شركتك على سبيل التسلية!

بل هي قناة تسويقية ممتازة، ويجب أن يُكتب فيها محتوى مميز، كلما تعرفت على شريحتك كلما باتت مهمة جذبها بمحتوى قيّم أمرًا أسهل؛ وبهذا يستفيد الجميع!