كنتِ قريبة.. تذكرين؟ صديقة الطفولة ، تقاسمنا الضحكات والحلوى والرسائل أيضًا، لازلتُ أحتفظ بآخر رسالة منكِ. نمنا واستيقظنا وفرحنا وبكينا ولعبنا سويًا.. ثم كبرنا وابتعدتِ وابتعدتُ، كانت تصلني أخباركِ المُثقلة بالتّعب وكنت أحزن، لكن آخر خبرٍ نُقل إلي... إلهي ما أعمق حزنه.
أحقًا لا تضمّكِ الآن جدران منزلكِ بل جدران أخرى أشدّ قسوة، لستِ محاطة بعائلتك بل بأناس لا تعرفينهم ولا يعرفونك جمعك معهم الغرق، غرقكِ الذي أبعدني قرّبهم. لكنك لا تعرفين كم أتعبني التجديف في بحرِك هذا، أنتِ لا تعرفين طول معاناتي معه ومع أشباهه! وحده الله يعلم. كان في كل مرة يفيض بأمواجه السوداء على أحد أحبابي وأغرق أنا في الأسى كأول مرة، أهرع إلى البحث والأسئلة وأصنع بالإجابات قاربًا صغيرًا ومجدافين تنقذني ولا تنقذكم! وفي كل مرة كنت أعود بخوفي إليه، إلى الله، وأُصلِّي أن ينقذكم، أُصلي أن يُنقذكِ.