قبل أن تغضب وتصب علي لعناتك وتنهي مخزونك الإستراتيجي من الحسنات في سبابي وسباب أهلي لمجرد قراءة عنوان المقال أنصحك أن تتروي ؛ تتعقل؛ أو حتي تعصر على نفسك ليمونة وتحاول أن تقرأ المقال لآخره. فعنوان المقال ما هو إلا نصيحة غالية يقدمها لي دائما ذلك الرجل الخمسيني كلما حكيت له عن حلم راودني ولاأعرف لماذا يكرر تلك النصيحة بعينها دائما؟ ...ولا المقصود منها ...ولاأعرف حتي لماذا اندفع نحوه واسرد له أحلامي دون آخرين مع العلم انه ليس بمفسر أحلام ولا درويش رحال تتدلي العقود من رقبته وتفوح منه رائحة البخور ولا ساحر مشعوذ يمتلك بللورة مسحورة يقرأ منها الطالع ولا هو بضارب للودع أوحتى قارئ للكف بل أنا على يقين تام انه لم يقرأ كلمة واحدة من كتاب (بن سيرين)- لو فرضنا إنه يعرف( بن سيرين) نفسه وما يزيد الطين بلاء انه حتي لا يعرف الفرق بين الرؤى و الأحلام واضغاث الاحلام.
فعالم الأحلام مثير ، مبهر ،ومدهش تنهار فيه الحواجز بين المعقول و المستحيل وبين المعجزات والمعتادات ، متحرر من القيود زمانية كانت أو مكانية، عالم عالي التقنية يفوق احدث ما توصلت اليه استديوهات هوليوود. فالجميع يحلم الفقير يحلم بالغني والثراء والغني يحلم براحة البال حتى الجوعان يحلم بسوق العيش أوكما قال المطرب الشهير لوبطلنا نحلم نموت.
ولكن ان كنت من المقيمين في مجرة درب التبانة ؛ كوكب الأرض ؛ شمال شرق افريقيا؛ على أرض المحروسة وتحمل بطاقة رقم قومي تتألف من اربعة عشر رقما صورتك فيها زي سكان كوكب عطارد لو فرضنا أن لعطارد سكان فلابد لسقف لأحلامك وطموحاتك وفرامل تعمل على كبح جماحها وأن تتعلم مبدأ الا تشطح بأحلامك حتي لا تنطح في حوائط خرسانية وتنتهي حياتك سريعا مكسور الرأس ضحية للأحلام المشروعة. فالأحلام لدينا تختلف عن سائر بلاد العالم وقد تختلف عن سائر كواكب المجرة –أحلامنا لها قوانين تحكمها و دستور ينفذ لوائحها وقد يفسرها كيفما أراد واينما شاء وطبقا لما يتراءى لواضعي مواده واعتمادا على صاحب الحلم وأهدافه اكانت مشروعة ام غير مشروعة من وجهة نظر مفسرين الأحلام.
وهكذا صارت حتى أحلامنا جزء لا يتجزء من حياتنا روتينية ،بيروقراطية، متكررة لها حدود مرسومة منذ يومك الأول في الدنيا لا تفارقك حتى لحظة خروجك محمولا على الأكتاف وباتت مسلسل ممل كئيب لايستطيع مؤلفه ولا مخرجه خلق جو من الإثارة والخروج عن المألوف وإلا فعقاب الرقابة جاهز وبالمرصاد.
ولك أن تتخيل أن بلد تتشدق بحضارة الاف السنين لازالت تحلم حتى الأن بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة الانسانية بين ابناء شعبها وحينما يحاول شبابها التمسك بحقوقهم تتحول هي الآخرى لأحلام صعبة المنال يروها لبعض سرا خوفا من بطش الرقابة أو مخالفة
دستور الأحلام أوبعدا عن سماجة الخمسيني ثقيل الدم ونصيحته بالتوقف عن الأحلام بجملته الشهيرة غطيها وانت نايم