قرر معالي وزير التعليم العالي – حفظه الله – أن يأتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والوزير كما تعلمون لا يأتي هكذا فهو يسأل أن يتزامن جدول زياراته مع الصيف؛ لأنه يفضل العمل حتى في أوقات عطلته. لقد زاد إيماني وصدقي بمقولتي الشهيرة ” الوقت كالصيف، والصيف طويل بدون عمل/أهل ! ” وأنا هنا أستثني “أهل” لأنها خاصة بالمشحططين من المغتربين أمثالي. قرر الجميع أن يحتفل بقدوم الوزير، لأنهم رهط قليلون الذين مثله يعملون حتى في أوقات راحتهم. وقد رأى الجميع -نفسهم- أن قيلورد هوتيل هو المكان المناسب لعمل شيء يتناسب مع مقام معاليه، كما رأوا أن يتم تقديم مادة ترفيهية شريطة أن تضل في إطار العمل فاتفقوا أن تكون تخريج الدفعة الرابعة!
عزم صديقي عبدالعزيز أن نكون ضمن المادة الترفيهية لمعالي الوزير، ومع أن قرراته تتسم بالعشوائية إلا أنه كان حازماً في تنفيذ هذا القرار.  الجميع يقرر حتى في شؤون الآخرين، وباب الصداقة يجعل هذه القرارت نافذة بنسب عالية. أحضر السيارة من محل الإيجار وذهبنا إلى مقر الإحتفال ” قيلورد هوتيل ” والذي اكتشفنا فيما بعد أن جميع السعوديين عزموا على أن يكونوا ضمن هذه المادة الترفيهية احتفاءً بقدوم معاليه! كان الموضوع أشبه بحملات الحج والعمرة إلى حد كبير. الطوابير التي يعج بها بهو الفندق، الكراسي التي تقعد عليها حقائب السفر نيابة عن البشر، صراخ الأطفال الذي يحيط بالمكان، الفندق ليس إلا مملكة سعودية صغيرة داخل منتجع ناشيونال هاربور.
الساعة الواحدة ظهراً من يوم الجمعة كان المكان مهيأ تماماً لاستقبال هذا العدد الكبير من السعوديين. اليافطات الموجودة في مداخل الفندق تأخذ الطلاب حيث أماكن التسجيل، توزع هناك بطاقات الخريجين والمنشورات الإرشادية وجدول اليومين القادمة. تم حجز عدد كبير من الغرف لإيواء القادمين من شتى أصقاع الأرض والذين ركبوا الأرض والسماء لحضور هذا المحفل العظيم. بعد التسجيل يمكن لأي شخص الإتجاه مباشرة إلى مسؤول الحجز لأخذ مفتاح غرفته، والتي نعلم مسبقاً أنها ستكون مشتركة. الطابور إلى مسؤول الحجز يتمدد بشكل خرافي، فيه يتعانق الأصحاب، وتدور حكايات المغتربين، ولكن تضل حركته لابأس بها. جاء دوري أنا وصديقي الذي اتفقنا على أن نكون في نفس الغرفة ولم يخطر في بال أحدنا أن هذا سيقابل بالرفض. أخبرت مسؤول الحجز أن الغرفة محجوزة لشخصين وتحديد الشخصين أمر غير جيد! فأخبرني أن الأسماء مسجلة من قبل المنظمين لهذا الإحتفال. لابأس في ذلك ولكنني أعرف صديقي عن قرب وقدمنا سويا، إضافةًإلى ذلك قد جعلنا جميع مانحتاجه في حقيبة سفر واحدة حتى لانثقل على أنفسنا. عبدالعزيز لم يكن مطمئناً وقتها وبدى ذلك واضحاً في تعابير وجهه السمين. يعلم في قرارة نفسه أنني الوحيد الذي يحتسب الأجر عندما يبدأ معزوفة الشخير! ” سيمفونية لن يطرب لها أحد ياصديقي !” قلت له. ضحك ضحكته المعتادة والتي تهز أرجاء جسمه غير النحيل وأخبرني أن هذا مايفكر فيه بالفعل. لزم علينا أن نتوجه إلى الشخص المسؤول عن تسجيل الأسماء، حيث تفاجئنا بطابور آخر، فعلمت أن لعنة الطوابير قد حلت. 
كان السعودي المسؤول يعمل بكل إخلاص محاولاً عمل التسجيل لهذه الجموع. كان هناك عدداً لابأس به من ذوي القرارات السريعة، فقد قرروا الحضور في نفس اليوم. لم يكلفوا أنفسهم تعبئة النماذج الإلكترونية ولاعناء البحث عنها، لأنهم بكل بساطة -قسم ماحد قالهم أن فيه – لم يعلموا عن هذه النماذج التي رفعت من شهر فبراير! لم أكن لألوم الموظف الذي سمعته يخبر المتورطين بنفس تهمتي أن هناك مائة آخرين مثلنا كان عليهم أن يتفقوا لينسقوا فيما بينهم وأننا لانخبر الفندق حتى يعمل هذا. كنت أراه في عقلي يقول النظام سيصنع مزيداً من الطوابير وعليكم أن تتدبروا الأمر. غادرنا المكان وذهبنا إلى غرفة عبدالعزيز ورأينا أن نسكن نفس الغرفة وأن نعطي القادم مفتاح غرفتي ليذهب هناك بدلاً عني. دخلناها بسلام ووضعنا كل مالدينا، ثم كتبت رسالة لشريكه الذي لم يأت بعد تركتها في مدخل الغرفة، شرحت له فيها مالذي يجري ثم ذيلتها برقمي واعتذار خجول. بدأ الأمر في استقرار تام فنحن الآن ليس لدينا أي إجراءات آخرى سوى الذهاب إلى يوم المهنة المعد بهذه المناسبة وحضور الإحتفال المزمع إقامته صباح السبت على شرف معالي الوزير.
ألا تلاحظون أنه تم صنع عدداً لابأس به من القررات في ماكتب أعلاه ؟ المسألة مسألة قرار لا أكثر وقراري هذه اللحظة هو حرمانكم تكملة النص والعودة في وقت لاحق -وقت الفراغ – بالباقيات الصالحات! 
الجمعة
17/7/2011 
سيتبع ان شاء الله !