‏كم نحتاج الى سماع كلمة تشجيع شفوية عفوية ، بدلا من صورة اللايك الجامدة المخادعة ، كم نحتاج الى سماع نبضات قلب الاحبة بدلا من تنبيهات مواقع "التقاطع" الاجتماعي ، كم نحتاج الى حوار دافيء صادق مباشر ، بدلا من حوارات منمقة معجونة بالنفاق و التكلف .

.كم نحتاج الى "التفاعل" معا ، بدلا من "الانفعال" الناتج عن عيش كل واحد منا في عالم وهمي يسلبه حياته الحقيقية.

‏كم نحتاج الى التوقف و التفكر و التدبر ، بدلا من الخضوع لكم لانهائي من الصور و الاصوات و الافكار و القيم التي تقذفها وسائل الاعلام الموجهة فتتحكم بحياتنا خدمة لمصالح مالكيها .

كم نحتاج الى سماع صوت الموسيقى و زخات المطر ، و حفيف الشجر ، بدلا من تلويث آذاننا بضجيج السيارات و رنات التلفونات .

كم هو غريب هذا الانسان ؛  يصنع و يخترع ليريح نفسه فيخسر نفسه !! ان هذا لشيء عجيب ؛ صنع الآلات فظن أنه سيتحكم في الطبيعة و الحياة فيجعلها طوع أمره ، فاذا بالآلات تخلق طبقة من العمال المستعبدين ، و طبقة من الملاك تتحكم في اخوانهم . و اليوم تتقدم التكنولوجيا كل لحظة ، و قلنا ان العالم سيصبح قرية صغيرة ، فاذا بالقرية الصغيرة ، بل فاذا بالبيت الواحد ، يتحول الى عوالم ؛ كل فرد يعيش عالمه الخاص ، عالمه "الوهمي" الافتراضي ، على حساب عالمه الحقيقي .

أعتقد ، شخصيا ،  أن علينا أن نتحرر من هذه العوالم الالكترونية ، و أن نعود الى حياتنا الفعلية . أعلم أن الدنيا لا تعود الى الوراء ، و لا احلم حتى بذلك ، و لكني أحلم أن نتحكم بما نصنع لا ان يتحكم ما نصنع بنا .

نحن رهائن التكنولوجيا ؛ و للدقة ، نحن رهائن لمن اخترعوها ؛ هؤلاء الذين يطمعون بعالم بلا بشر حقيقيين ، بل بمستهلكين ، بأفواه ، بأجساد بلا أرواح ، حتى تتضاعف ثرواتهم ، و تستمر سلطاتهم ... 

آن الأوان لاسترداد انسانيتنا المهدورة المذبوحة على أعتاب الشركات الكبرى ، آن الأوان لنسترد انسانيتنا بزيادة تفاعلنا الحقيقي الواقعي معا ، بالتشارك الفعلي معا ، بإعمال عقولنا معا ... آن الأوان .