خاص - عيسى محارب العجارمة - صبيحة هذا اليوم وانا عائد الى قريتي الوادعة بريف جنوب عمان استوقني منظر جميل جدا لزوجة عجوز وقد نزلت من السيارة الصغيرة التي كانت تقلها وزوجها العجوز وكانت السيارة تعاني على ما يبدو من اختلال في اطاراتها وكانت مهمتها على ما يبدو تفقد توازن الاطارات .

كان نزولها بهيا جميلا تمشي الهوينا بلباسها الريفي الاردني الجميل ، ودارت بخوف جليل جميل يليق بها وهي بخريف العمر ، تئد الخطى بوقار وكبرياء الامهات والزوجات اللواتي اتعبهن هدير محركات الزمن ، بين امومة وطاعة زوجة وصبر مهيب على اوجاع الحياة .

كانت خائفة بعض الشيء وهي ترقب حركة السيارات المسرعة على الطريق الخطر وخصوصا مركبات الشحن العملاقة ، لابل كانت من الخوف بمكان بحيث صعدت للسيارة ولم يكن جوابها كافيا لطمأنة زوجها الكهل على صحة الاطارات .

فما كان منه الا ان نزل بنفسه برفق وتؤدة للقيام بالمهمة المعقدة ، وكان نزوله يشي بأنه يعاني لربما من اوجاع بالظهر او الديسك ، وكان ايضا وقورا بهيا في نظرته للزوجة المسكينة وهي تعود ادراجها القهقرى لمقعدها الوثير بالمركبة الصغير .

عرفت الرجل ولم يعرفني وهو كما احسبه من الصالحين ولا ازكي على الله احدا ، وعرفته سائق لاحدى مركبات الركاب المتوسطة باحد الدوائر الحكومية قبل عشرون عاما ، فكان تفحصه لاطارات المركبة بعين الخبرة والدراية ، وعاد ادراجه بخطى متاثقلة لمقعده صوب وجهته بالمدينة القريبة على قريتنا الصغيرة .

انهكني الحديث بالسياسة ورأيت نفسي تميل للحديث عن عواجيز وكهول قريتي اجدى نفعا لي ، وحينما غذذت الخطى صوب بيتي تصورت هذا الجدة الجليلة وهي ترافق زوجها الجد الجليل ربما للتسوق من المدينة القريبة ، برحلة عائلية جميلة جللها الحب والوقار ، ومهمة اخيرة خطيرة للزوجة العجوز الا وهي تفقد منسوب الهواء في الاطارات .

هي ام ولا كل الامهات انهت واجباتها الاسرية والدينية وكللت مسيرة حياتها بكل وقار ووهبت الخير لبيتها واسرتها وكانت تجمع بيدها كل ابواب التكافل والمحبة ويا ليت كل النساء في وطني يقنعن بما قنعت به هذه العجوز الجميلة بتفانيها لخدمة زوجها واسرتها لكان خيرا لهن من ان يكن بابا للنكد على وطن وامة بأكملها .