مرة سألني هل يحق لنا أن نشك في الذات الإلهية ؟
قلت له : من لم يشك لن يؤمن ، وتليت عليه ماجاء في كتاب الله على لسان ابراهيم عليه السلام ” ولكن ليطمئن قلبي” والذي امتدحه الله جل في علاه بقوله ” اذ جاء ربه بقلب سليم”.
وفي نقاش مع احد أصدقائي عن الإلحاد: لا خوف من الملحد الحق ، الملحد الذي قاده بحثه عن الحق لا مكابرة، “وان الله ليحب عبده الذي توصل اليه بعقله ” لا اذكر قائلها.
اتذكر رفض الدكتور الفيزياء لورانس كراوس نعته بتلك الصفة ( ملحد) وقال انا لا أنكر وجود الاله ولكنني لا استطيع اثبات وجوده( مناظرة الاسلام أم الإلحاد)، والحقيقة اني أراه رجلا عاقلا في اغلب حديثه سواء أكان في نفس السياق او خارجه.
هل فعلا يكمن في الدين سر الحياة ، ام انه يجب علينا الاعتماد على العلم التجريبي البحت.
يلخص شرح مؤسسة هنداوي للنشر لكتاب الفلسفة والمعرفة والإيمان الاجابة: “هو كتاب للدكتور محمد حسين هيكل يستعرض فيه الاستقطاب التاريخي القائم بين رجال العلم ورجال الدين، حيث يرجع هذا الخلاف التقليدي بين هذين الفريقين الي منطلقات منهج النظر؛ فالفريق الاول ينطلق من أسس تجريبية حسية، بينما الفريق الثاني ينطلق من أسس ميتافيزيقية غيبية، ويحاول هيكل من خلال هذا العمل تجاوز التعارض القائم بين الفريقين، فالدين والعلم متكاملان فعلى الرغم من ان العلم يوسع من رقعة المعلوم الا انه يزيد من رقعة المجهول أضعافا مضاعفة، لذلك يبقى العلم قاصراً عن الوصول للرؤية الكلية والنهائية التى يمدنا بها الدين”.
نحن نحصد النتيجة كوننا عشنا في عالم مغلق وفجأة اصبح العالم قرية صغيرة، سبب هذا لنا الكثير من الصدامات مع معتقداتنا وحضارتنا، جعلنا نقدح في ديننا وونخره بدلاً من البحث الجيد داخله، والنتيجة ان نجد أنفسنا ننقسم على ذواتنا، بعضنا يذوب في الماديات بشكل يذهب معه روحه والآخر يذيب نفسه في الدين تشدداً يذهب فيه عقله ؛ يموت هذا بيد ذاك ويموت المحايد بيديه مفضلاً الانتحار.
والأبناء الذين ينشؤون في بيئة مادية يبحثون عن أرواحهم والاخرون يبحثون عن متاع الدنيا فيصبح الابن يقتل أباه ويحارب اخاه.
هل سألت نفسك سؤلاً كونك ولدت على الاسلام لماذا تعد هذه نعمة؟
وجهت هذا السؤال لطالب علم ولكنه لم يجبني واصبح يسهب في امور اخرى الى ان انتهى، قلت له دعني اوضح وجهة نظري، كوننا ولدنا على الاسلام فهذه نعمة عظيمة ولا ننكر ذلك، -كون الهداية لها عدة ضروب أنت اعلم بها مني – الا ان المرء عندما يبحث عن شئ ما يساعده في صنع شئ ما أو فهم شئ فأنه يلجأ للمحيط من حوله فإن لم يجد ما يسد به حاجته يوسع محيط بحثه وهنا يكمن سر هذه النعمة وإلا هذا لا يعني كوني ولدت في بيئة مسلمة ان اكون مسلما حقاً، فقد توفرت البيئة لكن لم نعمل الأدوات الاخرى لأستغلالها.
لقد صدمني عندما قال :الحقيقة ان دخول غير المسلمين في الأسلام احد الأسباب المهمة في حفظ هذا الدين فلولا دخول العباد في هذا الدين لأضاعه ورثته ، عدت بالذاكرة عندما أقابل البريطاني المسلم ويبدأ بتوجيهي في بعض الملاحظات عندما يدور النقاش بيننا اكثر من مرة، و رغم انه لم يسلم الا قبل ٩ سنوات تقريباً ؛ تمسكه بالإسلام يجعلني اتساءل عن سره.
اخيرا أقتبس للنابلسي مايلي:
أيها الإخوة الكرام، أودع الله في الإنسان العقل، وهو قوة إدراكية، وهو حاجة عليا على المعرفة، وما لم تلبَّ هذه الحاجة يهبط الإنسان عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به أبداً، ما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا، ما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة، ما لم يبحث عن سر وجوده، ما لم يبحث عن غاية وجوده، ما لم يبحث عن الرسالة التي حمله الله إياها، ما لم يبحث عن التكاليف التي كلفه الله إياها، ما لم يسأل من أين وإلى أين، ولماذا، ما لم يتفرغ لمعرفة الحقيقة، ما لم يطلب العلم يهبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به.
الناس رجلان: عالم ومتعلم، ولا خير فيما سواهما، << يا بني، العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، يا بني، مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة >>.
<< الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، فاحذر يا كميل أن تكون منهم >>. هذا كلام سيدنا علي.”
انتهى كلامه حفظه الله.
مع التحية.