#Eat_me_leave_no_crumbs

ما يراه العالم مني لا يشبهني بأي حال! يرونني (ألما) طبيبة في الثلاثين من العُمر, تعيش في العاصمة دمشق, التي ما وُصفت الجنة بشيء إلا وفيها مثله كما ادّعى ياقوتُ الحموي, ففيها مُقومات الحياة الطيبة, والصُحبة الجيدة, فهل تعرف أناساً ألطف من الدمشقيين؟ أو أكثر منهم حُبًا للحياة؟ أمارس عملًا يتمناه الكثير من الناس وهو حُلم كل طفل شرقي قبل أن يعرف ما هي الأحلام, أما النقود فعلاقتي بها قديمة, قبل أن أولد حتى, كنت مَحط حسد الكثيرات والكثيرين!

تلك الصورة المثالية تضطرب عندما تقترب مني, وتهتزُّ كلما اقتربت أكثر, وتتحطم نهائيًا عندما تأكلني بعينيك.. ثم تغص بي..

كُنت مصابة باضطراب الشخصية الحدية, منذ البلوغ, وتفاقم اضطرابي في مرحلة "النضج" , كأن النضج بحد ذاته مصيبتي الكبرى, أو فهمي الخاطئ لتلك الكلمة والذي دفع بي لتدمير ذاتي في كل فرصة وزرع الفوضى في علاقاتي كُلها!

لكن ذلك لم يكن الحال دائمًا.. لدي صور تروي قصة فتاة تحمل اسمي لكني فقدتها منذ زمن طويل..

فتاة لها والد هو والدي, مهندس من زمن كان به المهندسون يضعون أثاثات العالم الحديث, خارج منازلهم وداخلها, أذكره عندما كنت في الخامسة, كان يُمسك بيدي في الطريق, أخذت أشد يدي لألحق بعربة بائع الحلوى, ترك يدي واندفعت نحوها وتعثرت قبل الوصول وعضّ الرصيف ركبتي العضة الأولى, كانت مؤلمة, أذكر ألمها حتى اليوم, نهضت بصعوبة, وقد فقدت رغبتي بأكل الحلوى, وفقدت أثر والدي, وبدأت بالبكاء, في ذلك اليوم سمعت صوت بكاء القلب, عندما يصم أذنيك عن سماع ما سواه من أصوات.. ثم أخذ الصوت ينخفض وتلفتُّ حولي, رأيته يقترب, يمد يده نحوي, فأمسك بها بقوة.. وأهمس: بابا.. ويرد بحزم: يجب أن يكون ولائك للأشخاص والأشياء المهمة فقط..

كنتُ أملك الكثير من تلك القيم الذهبية, كالولاء لمن يهمه أمري ويهمني أمره.. والإخلاص في كل ما أفعله.. وبالطبع.. ألا أتخلى عن التعليم والمعرفة تحت أي ظرف من الظروف..

والدتي كوالدي, وكانت تُمارس الهندسة كمهنة قبل أن تلد أخي الأصغر, ابنها الرابع, وبعد ولادته, باتت الهندسة هواية, أصبحت مُستشارة أبي فقط, وسنده الروحي والمعنوي, وبدا ذلك حلُ ناسبهما معًا, وقد انطلقت مسيرة أبي العملية بضعف سرعتها السابقة..

كنا ننتقل لمنزل أكبر كل فترة, وكلما زاد نجاح والدي زاد حجم المنزل الذي نسكنه وزاد عدد السيارات في الكراج, وزادت أقساط المدارس الخاصة التي كنت وأخوتي ندرس فيها والتي كانت تتغير مع كل انتقال, وهكذا لم أملك أصدقاءًا في معظم فترات حياتي..

تزامن انتقالي للمدرسة الجديدة التي تضم النخبة من أولاد الأغنياء مع دخولي في مرحلة المراهقة.. ومع حصول والدي على منصب الإدارة في الشركة متعددة الجنسيات التي كان يعمل بها.. ومع حصول أمي على المزيد من الصديقات..

وهكذا ومع ارتفاع نسبة الهرمونات في دمي انخفض مستوى اهتمامي للقيم التي نشأت عليها, وقد بدت تلك القيم كملابس الطفولة التي توجّب علي رميها لأساير الموضة.. وهكذا وعندما وقعت على ركبتي هذه المرة لم أختر الولاء لأهلي.. بل اندفعت وراء صديقاتي الجديدات.. وإخلاصي الجديد بات لفنانات ذلك الوقت, أصالة وإليسا وأنغام, وابتدأت صراعاتي مع الأهل.. ممزقة كنت..

ما عدت أعرف ما يهمني.. حجم الكتاب الذي أطالعه, أم حجم ثديي؟ هل أركز في عنوان البرنامج الوثائقي الذي يتحدث عن القضية الفلسطينية أم في اسم مصمم الأزياء على الملابس؟ وهكذا أعماني البريق.. أصبح همي أن أبدو أجمل فتاة في المدرسة, ولكي أحقق هذه الغاية يجب أن أبقى نحيلة كشبح الأوبرا.. لكن جسدي الذي كان في فورة نضوجه كان يطلب الكثير من الطاقة.. والطعام.. وهكذا دخلت صراعي الثاني..

بدا كل شيء متناحراً, ما بين البيت والمدرسة.. ما بين الروح والجسد.. وبدأ كل شيء يسوء.. وبدأت أستسلم لكل خيار أسهل.. وتخليت عن معتقداتي ومبادئي كلها ليتقبلني المجتمع الثري الجبان الجديد..

بدأت أعاني من النهم المُفرط تجاه الطعام.. كأن بداخلي ثقبًا أسود لا يشبعه شيء, كان ضغط الصراعات يتجمّع داخلي كروح شريرة, ثم يتقمصني كشبح خنزير ضخم لا يكتفي, كنت أتناول طعامًا يكفي عائلتي بأسرها ثم أتقيأ بعد فترة قصيرة عن طريق وضع إصبعي في حلقي والضغط حتى يخرج من بطني كل شيء..

في البداية كانت شهوتي تقتصر على الطعام المعتاد الذي يتناوله الجميع, ثم بدأ الأمر ينحرف نحو شهوات مُظلمة, أذكر بأني تناولت طعام كلب الحراسة في لحظة ما, وأذكر أني شعرت بالعصبية في مرة ما عندما كنت عائدة من بيت إحدى الفتيات وشعرت بجوع شديد جعلني أندفع نحو القمامة وألتقط البقايا وألتهمها دون تفكير.. وبعد أن طغت الرائحة البشعة شعرت بالخوف مم كان يحدث لي, أخذت بالنحيب والبكاء والإقياء خلف مكب النفايات.. أحسست بأن روحي باتت وسخة كتلك القمامة التي أكلتها.. وعدت إلى البيت أجر قدمي جرًا إلى البيت..

عندها تسلل الاضطراب إلى عقلي.. كنت أُدمر جسدي دون أن أهتم, وأندفع نحو كل ما يضرني دون تفكير, مم خرّب علاقاتي الشخصية كلها وعلى نحو لا يُمكن إصلاحه.. مم جعلني وحيدة تخشى الوحدة, مهجورة تخشى الهجر.. لكن خوفي الشديد والذي يجعلني أتسول حب من حولي واهتمامهم حتى التخمة كان يتحول إلى غضب حاد يجبرني أن أتقيأ ذلك الاهتمام وأن أُبعد كل من يحاول الاقتراب مني والانعزال عن الجميع..

الشيء الوحيد الذي كان يساعدني على الهدوء من جديد, وطرد القلق واستعادة اتزاني الآني هو الأكل حتى الإغماء.. ثم الإقياء وتناول ذلك القيء.. ثم تقيُأه من جديد.. ثم الغرق في بُحيرة من الدموع والحزن والاكتئاب.. وهذه المرة لم يمُر الأمر بصمت..

في يوم ميلادي السادس عشر دخلت المستشفى لأول مرة بسيارة إسعاف انطلقت من مدرستي حيث أغمي علي لفرط الضعف والتعب والإرهاق.. كنت مُصابة بفقر الدم, وأعاني من نقص في الكثير من الفيتامينات.. يومها قال الطبيب لوالديّ: لا أعلم كيف أنها لا زالت على قيد الحياة.. لكني لم أكن.. بل (ألما) الحقيقية كانت جالسة في مكان ما في مؤخرة رأسي تراقب (ألما) الحالية وهي تدمر كل شيء من حولها.. وهكذا بدأت مرحلة العلاج.. وببطء عدت إلى الحياة, حبوًا, كطفل اختطفته الساحرة إلى الغابة السوداء بعد أن أغرته بالحلوى.. وهكذا حاولت أن أبتعد عن الطعام, وأصبحت ألجأ للركض لمسافات طويلة لأحافظ على وزني منخفضاً.. لكن طاقتي المنخفضة لم تسمح لي بالابتعاد كثيرًا عن ذلك المكان المُظلم الذي كنت فيه ولم أتوقف للتفكير للحظة, وعدت لحشو نفسي بالطعام.. والقيء..

ولكن وبالرغم من كل شيء تخرجت من الثانوية بعلامات تامّة, وانتسبت لكلية الطب, وأصبحت مقتنعة بأني يمكنني أكل كل شيء ثم تقيأه.. وبسبب دوامي في الجامعة أصبحت أبتعد عن المنزل لفترات طويلة.. وهكذا أصبحت علاقتي مع أمي وأبي شبه معدومة.. كنت أمام خياران: إما أن أجد طريقة أتكيف بها مع كل ما يحيط بي أو أن أموت.. وقد بدا بأن الطعام هو ملاذي الوحيد في ذلك الخراب الذي أسميه حياتي..

درست المرحلة الابتدائية في الطب غارقة في دوامة من الصراخ ما بين الدروس والنهم والحفلات الصاخبة التي تعرّفت فيها على إدماني الجديد المسمى مخدرات.. التي جعلتني أغرق في علاقات بلا مستقبل مع شُبان بلا أخلاق ولا مبادئ ولا يعلمون عن المشاعر أي شيء..

ثم أصبح الصخب أقل بعد أن عملت لسنة كطبيبة عامة مقيمة, وفي النهاية انتقلت إلى اللاذقية لأنهي السنة الثانية كطبيبة مقيمة في قسم الإسعاف.. وبدا بأن تغريبي ذاك عن دمشق قد نفعني.. تركت المخدرات نهائيًا وأصبح النهم يصيبني بشكل نوبات على فترات متباعدة وأصبحت أحس بأنني إنسانة طبيعية من جديد وقد سمح لي الطب بأن أهتم بمن حولي بدل التركيز على نفسي وتدميرها.. وصرت أبتسم من جديد.. وعندها التقيت (سامي)..

كان أروع شخص أقابله.. خلوقٌ وحنون ولطيف ومُراعي لمشاعر الآخرين.. كان محاميًا, وقد دخل الإسعاف بعد أن حمى موكلته من هجوم زوجها مدمن المخدرات عليها بعد أن رفعت قضية مخالعة لتطلقه..

أخبر والديه عني, وطلب أن يلتقي عائلتي.. وبدأنا نخرج معًا ونحن نبذل جهودنا كلها لإنجاح الشيء الجميل الذي وُلد بيننا.. كنا لا نوفر شيئًا لنصنع علاقة مثالية نستحقها معًا, كان سامي يستحق ذلك أكثر مني.. فلم يكن يعرف عن اضطرابي أي شيء, كأني مسحت مشكلاتي تلك من أحاديثنا.. فكانت مواعيد تناول الطعام تحديًا حقيقيًا, كان مُعجبًا بشهيتي للطعام, قال بأنها تثير إعجابه, وقد كان يكره الفتاة التي تماطل في تناول صحن من السلطة طوال الوقت.. وتثرثر كثيرًا بدل أن تأكل.. كنت أبكي بداخلي عندما يقول ذلك, وأبتسم له بتسامح, ثم أغيب طويلًا في الحمام.. أفتح صنبور الماء ليُحدث ضجيجًا صاخبًا, ليغطي أصوات تقيؤي..

كنتُ وسامي نتصل ببعضنا طيلة الوقت, كان يُرسل لي الرسائل بكل الأشكال الممكنة, ورقية والكترونية.. وكنت لا أوفر فرصة سانحة لنكون معًا في غداء أو عشاء أو فطورًا متأخرًا.. عشنا لأشهر في سعادة لا يُعكر صفوها شيء, ولا حتى اضطراباتي ومشاكلي وأشباحي التي بت أظنني قادرة على هزيمتها بقلب بات ينبض حبًّا, ولكن هل سيفهم سامي ماضيّ لو صارحته؟

ثم انقطعت السعادة لشهر ونصف عندما سافر سامي إلى لبنان لحضور مؤتمر ما والقيام بأعمال تخصه هناك.. كانت فترة عصيبة, وأصبحت حالتي النفسية أسوء مم كانت يومًا, وقد أحسست بأن البعد جعل مشاعر سامي تفتر تجاهي, وأنه قد يتركني وذلك جعلني عصبية جدًا..فلن أستطيع العيش بدونه.. وأخبرت أهلي بأني سأقتل نفسي لو تركني الرجل الذي أُحب, وعاد من لبنان, ولم يتركني وقتها.. ولم أنتحر.. لكن شيئًا من شغفنا أخذ يتناقص يومًا بعد يوم.. فعدت لتعاطي المخدرات سرًا وعدت إلى النهم.. والتقيؤ.. ولم أكن بحالة ذهنية تسمح لي بإخفاء كل ذلك بسرية والحفاظ على صورة مثالية لعلاقتنا.. وتحطمت تلك الصورة إلى شظايا.. وعرف سامي كل شيء.. وحدث ما كنت أخشاه.. تركني سامي ليبقى مرضي هو حبيبي الوحيد.. والمخدرات كذلك..

كنت أتقيأ خمس مرات في اليوم.. كنت أتقيأ بدل الصلاة.. والموت قبلتي..

ما عدت أعرف النوم دون تناول الأقراص المنومة..

وأصبحت ثقوب أبر المغذي الوريدي مألوفة في يدي..

وأصبح التهاب الحلق ملازمًا لي بسبب الأشياء التي كنت أستخدمها بدل أصبعي لأتقيأ..

تراكمت مشاعري السلبية وآلامي الروحية وديوني لمبالغ طائلة, وما عاد عملي ولا المبالغ التي يرسلها والديّ لي قادران على تغطية تكلفة المخدرات التي ما عدت قادرة على العيش بدونها.. عيش ما عدت أهتم له.. ولكني لم أكن قادرة على قتل نفسي بعد.. ودخلت للمشفى مرات كثيرة, كمريضة في العناية المشددة, وكنت أخفي ذلك عن أهلي وقد سهّل ذلك واقع أني كنت أعيش في مدينة أخرى..

وفي إحدى المرات تناولت جرعة مفرطة من الحبوب المضادة للاكتئاب وكتبت رسالة وداع لأهلي واستسلمت للإغماء.. استيقظت في المستشفى في اليوم التالي أشعر بفمي جافًا كالقطن.. نظرت حولي ورأيت والديّ وأختي ينظرون نحوي بحزن, دمعت عيناي وهمست من خلال قناع التنفس: أنا آسفة.. اندفعت أمي لعناقي وأختي كذلك, ونظر أبي إلي كم فعل عندما كنت في الخامسة.. وأحسست بخساراتي كلها.. أخبرتهم كل شيء.. وتكفل والدي بأداء ديوني كلها شرط أن أذهب لمكان لعلاج إدماناتي كلها.. ووافقت.. دون رغبة حقيقية.. فما عادت الحياة تعنيني كثيرًا..

دخلت إلى المصحة.. حيث كان الوقت يمضي بطيئًا.. كأن الكرة الأرضية لا تدور في تلك البقعة لتزيد عذاباتنا.. عقابًا لنا على ضعفنا وآثامنا..

بدأ وزني يزيد.. وأخذت أشعر بأني قبيحة جدًا.. حتى عندما زارني سامي بدافع الشفقة وأخبرني بأن وزني ذاك يناسبني وأني جميلة على كل حال..

أصبحت هادئة بعدها.. أتبع التعليمات بآلية بحتة, ولا هم لي سوى مغادرة ذلك المكان الفظيع.. وغادرت بعد شهر وعشر أيام.. ركبت السيارة بجانب أبي وعندما ركنها ليحضر أغراضًا ضرورية للمنزل.. نزلت منها.. مشيت بتصميم نحو جسر المشاة.. نظرت لأسفل مني.. عاودني شعور الغثيان.. وأصبح كل شيء يصرخ داخل رأسي قائلًا بأنني فشلت في كل شيء فاندفعت من فوق الجسر لإسكاته.. وفي تلك اللحظة الأبدية وأنا معلقة في الهواء عدت روحًا لا تخشى أي شيء..

تركت كل شخص حكم علي من خلال شكلي خلفي..

تركت كل أولئك الصديقات اللواتي كان همهن تدمير قيمي لأصبح مثلهم..

تركت سامي الذي لم يحبني في المرض كما فعل في الصحة..

تركت كل شخص يحسدني على الحياة الباذخة اللي أحياها..

ثم جاء الارتطام.. كان مؤلمًا.. كخروج الروح من الجسد.. أو هكذا ظننت..

لكنني لم أمت.. بدا الجسد الذي دأبت على الإساءة إليه طويلًا, يرفض الموت..

رغم أن كل ما به من عظام كان مكسورًا أو مرضوضًا أو متورما..

وكل ما يغطيه من جلد بدا مخدوشًا..

ثم بدأ العذاب الحقيقي.. والألم اللانهائي..

عمليات جراحية طويلة وصعبة..

مخاوف من احتمال ألا أتمكن من السير مرة أخرى..

وهمس بي صوت (ألما) المتوارية في مكان ما بداخلي: لم كان كل ذلك؟

أين اللذين دمّرت حياتي في محاولة الاندماج معهم والتقرب منهم لأكون جزءًا من عالمهم ولم يهمهم مني سوى الشكل؟

وخرج كل شيء عن سيطرتي..

صاروا يجبرونني على الأكل.. ولم أملك القدرة على إخراجه.. أبعدوا عني الميزان والمرايا.. وهذه المرة لم يسمحوا لسامي بزيارتي..

وعندها التقيت الطبيب كنان.. وقال لي: هذه المرة ستشاركينني أحاسيسك ومخاوفك كلها بدل التهامها وحدك..  

وأخذنا نتحدث عن كل شيء..

تحدثت معه.. ومع مرضى آخرين.. كبارًا وصغارًا.. رجالًا ونساءًا..

كتبت له الأشياء التي لم أمتلك الشجاعة لقولها..

وأخذت أطرد من داخلي الأشباح..

ما عدت أحكم على الناس من شكلهم الخارجي, وما عاد يخدعني الانطباع الأول..

ما عدت أشعر برغبة في أن أنال استحسان الجميع.. أصبحت مسرورة فقط بمن يستحسن روحي ويقدّر مشاعر روحي..

ما عدت أشعر بحاجة للصراخ قيئًا.. ووجدت راحة في الاستماع لغيري.. كأن مشكلتي كانت تتضاءل وتهرب بعيدًا في حضرة ألم الآخرين.. ويحل محل الشعور بالأسف على النفس, تعاطف كبير مع الآخرين..

الشفاء لن يكون سهلًا.. ولا قصيرًا.. وليس مرحلة وتنتهي.. بل هو حياة جديدة يجب أن أبنيها كل يوم..

لا زلت أتنقل على كرسي متحرك..

ولا أعلم إن كنت سأسير من جديد..

لكنني أحب جسمي الجديد رغم خدوشه.. وأتقبل نفسي رغم انكساراتي, وربما آكل من جديد, دون أن أتقيأ عندما أكون وحيدة لا يراني أحد..

وإنها الكتابة إليك.. التي تعطيني الأمل..

.

النهاية.