تفتخر بلدان العالم المستقرة سياسيا بتواجد معارضة سياسية فعالة, فالتوازن السياسي يحتاج لوجود جهتين, احدهما يعمل والاخر يراقب ويقيم, وهكذا يتم الحد من الفساد ومن تحول قوى الحكم الى دكتاتوريات وقوة مدمرة للنظام, وعلينا ان نعترف ان الاسوأ هو ما حصل في العراق, حيث غابت المعارضة عن النظام السياسي نتيجة سيطرة شهوة الحكم والمناصب على جميع الاحزاب وغياب الشعور بالمسؤولية والجهل المطبق لأغلب قيادات الاحزاب في اهمية وجود معارضة كي يكون بناء الدولة سليما, لكن قصر نظرهم وزحفهم الشديد باتجاه حوزة الدولارات ضيع على العراق تحقيق التوازن السياسي.
تساؤلات كثيرة وصلتني عن امكانية تواجد معارضة عراقية, تراقب وتقيم وتمنع الفساد, خصوصا بعد اعلان اعلامي لكتلة يقال عنها كبيرة, ولهذا احاول الجواب لتوضيح ما غاب عن البعض.
اولا: لعبة المعارضة
منذ عام 2006 والى اليوم هنالك جمع من احزاب السلطة تعمل بالرقص على الحبلين, فقدمها الاولى انها في السلطة وتقاتل من اجل الوصول لحصتها من الحكومة والمناصب "غنيمتها من النظام الجديد", وقدمها الثاني انها تملأ الدنيا زعيقا انها تعارض وتعارض, فتسخر اعلامها للاعتراض الاعلامي فقط, وتحرك جماهيرها للشارع للتظاهر ضد الفساد وضد المحاصصة, مع انها جزء من الفساد والمحاصصة!
وهكذا تكون قد كسبت الامرين (الحكومة والمعارضة), ومازالت تعمل بنفس النفس والغريب ان هنالك جمهور يصدق هذا الجنون, بل الاغرب ان ينبري كتاب ومثقفون للدفاع عن هذه الاحزاب, ويحاولون تجميل صورتها في سعي حثيث لتسفيه وعي الامة, من قبل من كان واجبهم رفع وعي الامة!
ثانيا: شهوة المناصب
قبل ايام خرج علينا احد رموز الفشل السياسي في العراق, بإعلانه منصب جديد له, كزعيم لتحالف سياسي عجيب, كي يبقى مستمر بالظهور اعلاميا, رئيسا لتحالف نصفه في الحكومة, ونصفه الاخر قد فشل في الفوز بحصة من الكعكة, وهذا الرجل كان في زمن التفاوض كان يعلن نفسه عرابا لتشكيل الحكومة, الى ان سحب البساط من تحت قدميه, نتيجة بروز لاعبين اكبر من قدراته, بالاضافة لفشله في تأسيس تحالف وثيق مع من ادعى انهم معه في تحالف, وهكذا خسر جولة تشكيل الحكومة, وخرج خاسرا.
لكن شهوة المناصب تستولي عليه, ليحاول الان التشبث باي كرسي واي عنوان! حتى وان كان فارغ المحتوى, والغريب ان تصرح زمرة عبيده من الكتاب بانه سيكون معارضا, والسؤال هنا تحالف نصفه ممثل في الحكومة كيف سيكون معارضا؟ انه جنون الطبقة السياسية التي اصبحت محترفة في فن الضحك على الجماهير, وعبقرية جدا في اكتشاف طرق ومسالك الدولار.
• اخيرا
نقول لأصنام الساحة: ان تكف عن استمرار سخريتها من الشعب العراقي, وان تتوب عن ممارسة الحرام, وان تترك النفاق الذي خالط كل ايامها الماضية, وان تفكر بالاعتزال فهو افضل لها وللعراق.
وعلى الامة ان تفهم حقيقة الاصنام السياسية, فهم مجرد لصوص والتفاهة تلاصق حياتهم, حيث ضيعوا المجد العظيم مقابل دولارات ونساء وخمر, فلو عمروا العراق واقاموا العدل لذكرتهم الاجيال بكل احترام, لكن افسدوا وظلموا لذلك ستذكرهم الاجيال باللعن والشتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي
العراق – بغداد
الايميل/ [email protected]