أقبلت من بعيد تتهادى تخطر في مشيتها.
كأنها السحابة إذا أقبلت، تمشي الهوينا، ترفع رجلًا وما تكاد تضع الأخرى لفرط امتلائها.
تُقلّب بصرها، كأنما تريد عامدة أن تختلب القلوب، وفعلت.
ولو صاغ الله الأنوثة في أبهى أشكالها، وأحلى صورها، لكانت هي الأنوثة بعينها.
أنفها دق واستقام، وجفنيها تهدلا وانتظما، ومحجري عينيها تباعدا، وبؤبؤها انتظم في عين جميلة واسعة، وخديها امتلاءا نضارة وإشراقًا.
ولو أردت أن تصفها لوصفت شيئًا لا يُوصف، ولو أردت أن تخبر عنها لأخبرتَ بما لا يُعقل.
فلو كان للجنون مع الجمال والأنوثة وصف مجتمع لكانت هي.
رأتني وأشاحت عني الطرف، كأنما رأتني دونها فلم ترني شيئًا، كأنما تقول لي: أنت لا تستحقني، ولست أهلًا لي، فأنا الجميلة الغيداء، وأنا الفائقة الحسناء، فأين أنت مني، وأين أنا منك، فالقمران للقمران، والشبيهان لبعضيهما ولا شبيه، والمثيلين لمثليهما ولا مثيل، فدونك غيري، فلست لك.
ثم أدبرت ولم أرها في حياتي غير تلك المرة.
قال وهو يحدثني يكاد لفرط شوقه تختلف أضلاعه: لقد أحببتها، فهل تصدق حبًا يكون من نظرة واحدة! فيا لتعاستي _بهذا الحب العجيب_ ويا لشؤم حظي!
بقلم: سامي الذبياني